ومن طريق ابن جريج: أخرت عن معاذ بن عبد الرحمن التيمي: ان رجلا قال لعمر: إني رأيت هلال رمضان، قال: أرآه معك أحد؟ قال: لا، قال: فكيف صنعت (1)؟ قال: صمت بصيام الناس، فقال: عمر يالك فيها! وهو قول عطاء.
قال: أبو محمد: ينبغي لمن قلد عمر فيما يدعونه من مخالفة: (البيعان بالخيار ما لم يفترقا) وتحريم المنكوحة في العدة: أن يقلده (2) ههنا.
قال (3) أبو حنيفة، ومالك: يصوم ان رآه وحده، ولا يفطر ان رآه وحده! وهذا تناقض! وقال الشافعي كما قلنا.
وخصومنا لا يقولون بهذا ولا نقول به، لان الله تعالى قال: (لا تكلف إلا نفسك) وقال تعالى: (ولا تكسب كل نفس الا عليها). وقال تعالى: (فمن شهد منكم الشهر فليصمه). فمن رآه فقد شهده، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته (4)).
758 مسألة وإذا رؤى الهلال قبل الزوال فهو من البارحة ويصوم الناس من حينئذ باقي يومهم إن كان أول رمضان ويفطرون إن كان آخره، فان رؤى بعد الزوال فهو لليلة المقبلة.
برهان ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته) فخرج من هذا الظاهر إذا رؤى بعد الزوال بالاجماع المتيقن، ولم يجب الصوم إلا من الغد، وبقى حكم لفظ الحديث إذا رؤى قبل الزوال، للاختلاف في ذلك، فوجب الرجوع إلى النص، وأيضا فان الهلال إذا رؤى قبل الزوال فإنما يراه الناظر إليه والشمس بينه وبينه ولا شك في أنه لم يمكن رؤيته مع حوالة الشمس دونه الا وقد أهل من البارحة وبعد عنها بعدا كثيرا.
روينا من طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل نا أبى نا عبد الرحمن بن مهدي نا سفيان الثوري عن المغيرة بن مقسم عن سماك عن إبراهيم النخعي ان عمر بن الخطاب كتب إلى الناس إذا رأيتموه قبل زوال الشمس فأفطروا وإذا رأيتموه بعد زوالها فلا تفطروا.
ورويناه أيضا من طريق عبد الرزاق عن سفيان الثوري بمثله، وبه يقول سفيان.
وروينا من طريق يحيى بن الجزار عن علي بن أبي طالب قال رضي الله عنه (5):