تعالى به وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد) فوجب (1) على المعطى ايصال ما عليه إلى من هو له، ووجب على الآخذ رد من ما أخذ بغير حق، قال تعالى: (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل).
720 مسألة الفقراء هم الذين لا شئ لهم أصلا، والمساكين هم الذين لهم شئ لا يقوم بهم.
برهان ذلك: أنه ليس الا موسر، أو غنى، أو فقير، أو مسكين، في الأسماء ومن له فضل عن قوته، ومن لا يحتاج إلى أحد وان لم يفضل عنه شئ، ومن له مالا يقوم بنفسه منه، ومن لا شئ له (2)، فهذه مراتب أربع معلومة بالحس، فالموسر بلا خلاف هو الذي يفضل ماله عن قوته وقوت عياله على السعة والغنى هو الذي لا يحتاج إلى أحد وإن كان لا يفضل عنه شئ، لأنه في غنى عن غيره، وكل موسر غنى وليس كل غنى موسرا.
فان قيل: لم فرقتم بين المسكين والفقير؟ (3).
قلنا: لان الله تعالى فرق بينهما، ولا يجوز أن يقال في شيئين فرق الله تعالى بينهما:
إنما شئ واحد، إلا بنص أو إجماع أو ضرورة حس، فإذ ذلك كذلك فان الله تعالى يقول:
(أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر) فسماهم تعالى مساكين ولهم سفينة، ولو كانت تقوم بهم لكانوا أغنياء بلا خلاف، فصح اسم المسكين بالنص لمن هذه صفته، وبقى القسم الرابع، وهو (4) من لا شئ له، أصلا ولم يبق له من الأسماء الا الفقير، فوجب ضرورة أنه ذلك (5).
وروينا ما حدثناه عبد الله بن ربعي ثنا محمد بن معاوية ثنا أحمد بن شعيب أخبرنا نصر بن علي أخبرنا عبد الأعلى ثنا معمر عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ليس المسكين الذي ترده الأكلة والأكلتان، والتمرة والتمرتان، قالوا: فما المسكين يا رسول الله: قال: المسكين الذي لا يجد غنى، ولا يفطن لحاجته فيتصدق عليه).
قال أبو محمد: فصح أن المسكين هو الذي لا يجد غنى إلا أن له شيئا لا يقوم به، فهو يصبر وينطوى، وهو محتاج ولا يسأل.
وقال تعالى: (للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم) فصح أن