ثم حتى لو صحت هذه الآثار كلها عن النبي صلى الله عليه وآله وعن الصحابة رضي الله عنهم:
لكانوا مخالفين لها، لان الحنيفيين والمالكيين يقولون: إن كانت عشرة دنانير ومائة درهم ففيها الصدقة، وكل هذه الآثار تبطل الزكاة عن أقل من عشرين دينارا، وهم يوجبونها في أقل من عشرين دينارا، فصارت كلها حجة عليهم، وعاد ما صححوا من ذلك قاطعا بهم أقبح قطع! ونعوذ بالله من الخذلان.
والمالكيون يوجبونها في عشرين دينارا ناقصة إذا جازت جواز الموازنة، وهذا خلاف ما في هذه الأخبار كلها.
وأما التابعون فقد اختلفوا كما ذكرنا، وصح عن الزهري وعطاء: أنه لا يزكي من الذهب بالذهب إلا أربعين دينارا، لا أقل، ثم كذلك إذا زادت أربعين دينارا، ورأوا الزكاة فيما دون ذلك وما بين كل أربعين وأربعين بعدها بالقيمة وكانت القيمة قولا لا يوجبه قرآن ولا سنة ولا اجماع ولا قول صاحب ولا دليل أصلا، فسقط هذا القول.
وقد حدثنا حمام ثنا عبد الله بن محمد بن علي الباجي ثنا عبد الله بن يونس ثنا بقي بن مخلد ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا حماد بن مسعدة عن أشعث هو ابن عبد الملك الحمراني عن الحسن البصري قال: ليس في أقل من أربعين دينارا شئ.
قال أبو محمد: فصحت الزكاة في أربعين من الذهب ثم في كل أربعين زائدة بالاجماع المتيقن المقطوع به فوجب القول به ولم يكن في إيجاب الزكاة في أقل من ذلك ولا فيما بين النصابين قرآن ولا سنة صحيحة ولا إجماع، ولا يجوز أن تؤخذ الشرائع في دين الاسلام إلا بأخذ هذه الثلاثة. وبالله تعالى التوفيق.
قال على: فليس إلا هذا القول أو قول من قال: قد صح أن في الذهب زكاة بالنص الثابت، فالواجب أن يزكى كل ذهب، إلا ذهبا صح الاجماع على اسقاط زكاتها فمن قال هذا فواجب عليه أن يزكى كل ما دون العشرين بالقيمة، وأن يزكى حلي الذهب، وأن يزكى كل ذهب حين يملكه مالكه. فكل هذا قد قال به جماعة من الأئمة الذين هم أجل من أبي حنيفة ومالك، والشافعي.
قال أبو محمد: ولم نقل بهذا لما قدمناه من أنه لا يحل أن ينسب إلى الله تعالى ولا إلى رسوله صلى الله عليه وسلم قول الا بيقين نقل صحيح من رواية الاثبات أو بنقل تواتر أو مجمع عليه، وليس شئ من هذه الأحوال موجودا في شئ من هذه الأقوال، وقد قلنا: إن الاجماع قد صح على أنه عليه السلام لم يوجب الزكاة في كل عدد من الذهب، ولا في كل