ولا أرق دينار ممن يوثق رواية إذا وافقت هواه، ويوهنها إذا خالفت هواه! فما يتمسك فاعل هذا من الدين الا بالتلاعب!.
وحديث محمد بن عبد الرحمن مرسل وعن مجهول أيضا.
وأما حديث ابن عمر فعبد الله بن واقد مجهول (1).
فسقط كل ما في هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يصح منه شئ.
وأما ما روى في ذلك عن الصحابة رضي الله عنهم فلا يصح عن عمر لان راويه يحيى ابن أيوب وهو ضعيف، وقد روينا عن عمر ما هو أصح من هذا، وكلهم يخالفونه.
كما حدثنا حمام ثنا ابن مفرج ثنا ابن الاعرابي ثنا الدبري ثنا عبد الرزاق عن هشام بن حسان وسفيان الثوري، ومعمر قال هشام: عن أنس بن سيرين، وقال سفيان، ومعمر: عن أيوب السختياني عن أنس بن سيرين، ثم اتفقوا كلهم عن أنس بن سيرين قال: بعثني أنس ابن مالك عن الأبلة فأخرج إلى كتابا من عمر بن الخطاب: (خذ من المسلمين من كل أربعين درهما درهما (2) ومن أهل الذمة من كل عشرين درهما درهما (3) وممن لا ذمة له من كل عشرة دراهم درهما)).
فهذا أنس، وعمر بأصح إسناد يمكن فان تأولوا فيه تأويلا لا يقتضيه ظاهره فما هم بأقوى على ذلك من غيرهم فيما يحتجون به. وما يعجز أحد عن أن يقول: إنما أمر عمر في العشرين دينارا بنصف دينار كما أمر في الرقيق والخيل بعشرة دراهم من كل رأس:
إذا طابت نفس مالك كل ذلك به، والا فلا!.
وأما الخبر في ذلك عن ابن مسعود فمرسل، ولا يأخذ به المالكيون ولا الشافعيون، ومن الباطل أن يكون قول ابن مسعود حجة في بعض حكمه ذلك ولا يكون حجة في بعضه، والمسامحة في الدين هلاك.
وأما قول على فهو صحيح، وقد روينا عن علي من هذه الطريق نفسها أشياء كثيرة قد ذكرناها، منها: في كل خمس وعشرين من الإبل خمسا من الغنم، وكلهم مخالف لهذا، ومن الباطل أن يكون قول على حجة في مكان غير حجة في آخر.
فبطل كل ما تعلقوا به من آثار الصحابة رضى الله تعالى عنهم.