أخبرنا أبو عوانة عن أبي إسحاق السبيعي عن عاصم بن ضمرة عن علي بن أبي طالب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قد عفوت عن الخيل والرقيق، فهاتوا صدقة الرقة، من كل أربعين درهما درهم، وليس في تسعين ومائة شئ، فإذا بلغت مائتين ففيها خمسة دراهم).
هذا كل ما موهوا به من الآثار، قد تقصيناه (1) لهم أكثر مما يتقصونه لأنفسهم.
واحتجوا بأن قالوا: قد صحت الزكاة في الأربعين الزائدة على المائتين باجماع، واختلفوا فيما بين المائتين وبين الأربعين، فلا تجب فيها زكاة باختلاف.
وقالوا من جهة القياس: لما كانت الدراهم لها نصاب لا تؤخذ الزكاة من أقل منه، وكانت الزكاة تتكرر فيها كل عام أشبهت المواشي، فوجب أن يكون فيها أوقاص كما في المواشي ولم يجز أن تقاس على الثمار والزرع، لان الزكاة هنا لك مرة في الدهر لا تتكرر، بخلاف العين والماشية.
هذا كل ما شغبوا به من نظر وقياس * وكل ما احتجوا به من ذلك لا حجة لهم في شئ منه، بل هو حجة عليهم، على ما نبين إن شاء الله تعالى.
أما حديث معاذ فساقط مطرح، لأنه عن كذاب واضح للأحاديث، عن مجهول.
وأما حديث أبي بكر بن عمر وبن حزم فصحيفة مرسلة، ولا حجة في مرسل، وأيضا فإنها عن سليمان بن داود الجزري، وهو ساقط مطرح.
ثم لو صح كان قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (في الرقة ربع العشر) زائدا على هذا الخبر، والزيادة لا يحل تركها، لأنه ليس في هذا الخبر الا أن في كل أربعين درهما درهم فقط، وليس فيه أن لا زكاة فيما بين المائتين وبين الأربعين.
وأما حديث الحسن بن عمارة فساقط، للاتفاق على سقوط الحسن بن عمارة.
ولو صح لكانوا قد خالفوه، فإنهم يرون الزكاة في الخيل السائمة وفى الخيل والرقيق المتخذين للتجارة، وفى هذا الخبر سقوط الزكاة عن كل ذلك جملة، فمن أقبح سيرة ممن يحتج بخبر ليس فيه بيان ما يدعى، وهو يخالفه في نص ما فيه؟!.
ولو صح هذا الخبر لكان قوله عليه السلام: (في الرقة ربع العشر، زائدا، والزيادة لا يجوز تركها.
وأما حديث الزهري فمرسل أيضا، ولا حجة في مرسل، والذي فيه من حكم زكاة الورق والذهب (2) فإنما هو كلام الزهري، كما أوردناه آنفا من رواية الحجاج بن المنهال.