قال أبو محمد: ونسأل من خالف هذا عن الاكل للحم الخنزير، والشرب للخمر عمدا أيفطر الصائم أم لا؟ فمن قولهم: نعم.
فنقول لهم: ولم ذلك؟.
فان قالوا: لأنه منهى (1) عنهما فيه.
قلنا لهم: وكذلك المعاصي، لأنه منهى عنها في الصوم أيضا بالنص الذي ذكرنا (2).
فان قالوا: وغير الصائم أيضا منهى عن المعاصي.
قلنا لهم: وغير الصائم أيضا منهى عن الخمر، والخنزير، ولا فرق.
فان قالوا: إنما نهى عن الأكل والشرب (3)، ولا نبالي أي شئ أكل أو شرب.
قلنا: وإنما نهى عن المعاصي في صومه ولا نبالي بما عصى، أبأكل وشرب، أم بغير ذلك؟.
فان قالوا: إنما أفطر بالأكل والشرب للاجماع على أنه مفطر بهما.
قلنا فلا تبطلوا الصوم إلا بما أجمع علي بطلانه به! وهذا يوجب عليكم أن لا تبطلوه بأكل البرد ولا بكثير مما أبطلتموه به (4)، كالسعوط والحقنة وغير ذلك.
فان قالوا: قسنا ذلك على الاكل، والشرب.
قلنا: القياس كله باطل، ثم لو صح لكان هذا فاسدا من القياس، وكان أصح على أصولكم أن تقيسوا بطلان الصوم بجميع المعاصي على بطلانه بالمعصية بالاكل، والشرب وهذا مالا مخلص منه.
فان قالوا: ليس اجتناب المعاصي من شروط الصوم.
قلنا: كذبتم! لان النص قد صح بأنه من شروط الصوم كما أوردنا.
فان قالوا: تلك الأخبار زائدة على ما في القرآن.
قلنا: وإبطالكم الصوم بالسعوط، والحقنة، والامناء مع التقبيل زيادة فاسدة باطلة على ما في القرآن! فتركتم زيادة الحق، وأثبتم زيادة الباطل! وبالله تعالى التوفيق.
735 مسألة فمن تعمد ذاكرا لصومه شيئا مما ذكرنا فقد بطل صومه، ولا يقدر على قضائه إن كان في رمضان أو في نذر معين، إلا في تعمد القئ خاصة فعليه القضاء.
برهان ذلك: أو وجوب القضاء في تعمد القئ قد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما ذكرنا قبل هذه المسألة بمسألتين، ولم يأت في فساد الصوم بالتعمد للاكل أو الشرب