قياس ما اختلف فيه على ما أجمع عليه هو القياس الصحيح.
وأما قولهم: إن الزكاة وجبت قبل، ثم فسخ للناس في تأخيرها: فكذب وباطل ودعوى بلا برهان، وما وجبت الزكاة قط إلا عند انقضاء الحول، لاقبل ذلك، لصحة النص باخراج رسول الله صلى الله عليه وسلم المصدقين عند الحول، لاقبل ذلك، وما كان عليه السلام ليضيع قبض حق قد وجب، ولا جماع الأمة على وجوبها عند الحول، ولم يجمعوا على وجوبها قبله، ولا تجب الفرائض إلا بنص أو اجماع.
فبطل كل ما موهوا به من أثر ونظر.
ثم نسألهم: أوجبت الزكاة قبل الحول أم لم تجب (1)؟ فان قالوا: لم تجب قلنا:
فكيف تجيزون أداء ما لم يجب؟ وما لم يجب فعله تطوع، ومن تطوع فلم يؤد الواجب (2) وان قالوا: قد وجبت قلنا (3): فالواجب إجبار من وجب عليه حق على أدائه. وهذا برهان لا محيد عنه أصلا.
ونسألهم: كيف الحال ان مات الذي عجل الصدقة قبل الحول؟ أو تلف المال قبل الحول؟ أو مات الذين أعطوها قبل الحول؟ أو خرجوا عن الصفات التي بها تستحق الزكوات (4)؟ فصح أن تعجيلها باطل وإعطاء لمن لا يستحقها، ومنع لمن (5) يستحقها، وإبطال الزكاة الواجبة وكل هذا لا يجوز.
والعجب من إجازة الحنيفيين تعجيل الزكاة ومنعهم من تعجيل الكفارة قبل الحنث!
وكلاهما مال معجل، إلا أن النص قد صح بتعجيل ما منعوا تعجيله، ولم يأت بتعجيل ما أباحوا تعجيله! فتناقضوا في القياس، وصححوا الآثار الفاسدة، وأبطلوا الأثر الصحيح!.
وأما المالكيون فإنهم مع ما تناقضوا خالفوا في هذه الجمهور من العلماء، وهم يعظمون هذا إذا وافقهم، وخالف الشافعيون فيه القياس، وقبلوا المرسل الذي يردونه. وبالله تعالى التوفيق.
694 مسألة ومن عليه دين دراهم، أو دنانير، أو ماشية تجب الزكاة في مقدار ذلك (6) لو كان حاضرا فإن كان حاضرا عنده لم يتلف وأتم عنده حولا منه ما في مقداره الزكاة (7): زكاة، والا فزكاة عليه فيه أصلا، ولو أقام عليه سنين.