وقال أبو حنيفة: لا يزكي المال المستفاد إلا حتى يتم حولا إلا إن كان عنده مال يجب في عدد ما عنده منه الزكاة في أول الحول: فإنه إن اكتسب بعد ذلك ولو قبل تمام الحول بساعة شيئا قل أو كثر من جنس ما عنده: فإنه يزكى المكتسب مع الأصل، سواء عنده الذهب، والفضة، والماشية، والأولاد وغيرها.
وقال مالك: لا يزكى المال المستفاد إلا حتى يتم حولا، وسواء كان عنده ما فيه الزكاة من جنسه أو لم يكن، إلا الماشية، فان ما استفاد منها شيئا بغير ولادة منها، فإن كان الذي عنده منها نصابا: زكى الجميع عند تمام الحول وإلا فلا، وإن كانت من ولادة زكى الجميع بحول الأمهات (1)، سواء كانت الأمهات نصابا أولم تكن.
وقال الشافعي: لا يزكى مال مستفاد مع نصاب كان عند الذي استفاده من جنسه البتة، إلا أولاد الماشية مع أمهاتها فقط إذا كانت الأمهات نصابا وإلا فلا.
قال أبو محمد: وقد ذكرنا قبل فساد هذه الأقوال كلها، ويكفى من فسادها أنها كلها مختلفة! وكلها دعا ومجردة، وتقاسيم فاسدة متناقضة، لا دليل على صحة شئ منها، لامن قرآن ولا من سنة صحيحة، ولا من رواية سقيمة، ولا من إجماع ولا من قياس، ولا من رأى له وجه.
وقال أبو حنيفة: من كان عنده مائتا درهم في أول الحول فلما كان بعد ذلك بيوم تلفت كلها أو انفقها إلا درهما واحدا فإنه بقي عنده، فلما كان قبل تمام الحول بساعة اكتسب مائة درهم وتسعة وتسعين درهما: فالزكاة عليه في الجميع (2) لحول التي تلفت، فلو لم يبق منها ولا درهم فلا زكاة عليه فيا اكتسب ولو أنها مائة ألف درهم حتى يتم لها حول.
فياليت شعري! ما شأن هذا الدرهم؟! وما قوله لو (3) لم يبق إلا فلس؟! وكذلك قوله فيمن عنده نصاب من ذهب، أو من بقر، أو من إبل، أو من غنم ثم تلفت كلها إلا واحدة ثم اكتسب مكن جنسها قبل الحول ما يتم بما بقي عنده النصاب؟!
وهذا قول يغنى ذكره عن تكلف الرد عليه.
ولئن كانت الزكاة باقية في الدرهم الباقي فان الزكاة واجبة فيه وان لم يكتسب غيره نعم، وفيما اكتسب إليه ولو أنه درهم آخر! ولئن كانت الزكاة غير باقية فيه فان الواجب عليه استئناف الحول بما اكتسب معه.
وممن روى عنه تعجيل من الفائدة ابن مسعود، ومعاوية، وعمر بن عبد العزيز