وقال الشافعي وأبو يوسف: إذا كانت خمس من الإبل ضعاف لا تساوى شاة أعطى بعيرا منها وأجزأه قالوا: لان الزكاة إنما هي فيما أبقى من المال فضلا، لا فيما أجاح المال (1)، وقد نهى عن أخذ كرائم المال فكيف عن اجتياحه.
قال أبو محمد. وقال مالك وأبو سليمان وغيرهما: لا يجزئه إلا شاة.
قال أبو محمد: هذا هو الحق، والقول الأول باطل وليست الزكاة كما ادعوا من حياطة (2) الأموال.
وهم يقولون: من كانت عنده خمس من الإبل وله عشرة من العيال ولا مال له غيرها، فإنه يكلف الزكاة، أحب أم كره، وكذلك من له مائتا درهم في سنة مجاعة ومعه عشرة من العيال ولا شئ معه غيرها فإنه يكلف الزكاة (3)، ورأوا فيمن معه من الجواهر، والوطاء والغطاء، والدور، والرقيق، والبساتين بقيمة ألف ألف دينار أو أكثر أنه لا زكاة عليه وقالوا فيمن له مائتا شاة وشاة: إنه يودى منها كما يؤدى من له ثلاثمائة شاة وتسع وتسعون شاة.
فإنما نقف في النهى والامر عندما صح به نص فقط.
وهم يقولون في عبد يساوى ألف دينار ليتيم ليس له غيره سرق دينارا: أنه تقطع يده، فتتلف قيمة عظيمة في قيمة يسيرة ويجاح اليتيم الفقير فيما لا ضرر فيه على الغنى.
وقال أبو حنيفة وأصحابه إلا رواية خاملة عن أبي يوسف: إن من لزمته بنت مخاض فلم تكن عنده فإنه يؤدى قيمتها، ولا يؤدى ابن لبون ذكر.
وقال مالك والشافعي وأبو سليمان: يؤدى ابن لبون ذكر.
وهذا هو الحق، وقول أبي حنيفة خلاف لرسول الله صلى الله عليه وسلم سلم وأصحابه رضي الله عنهم.
ومن عجائب الدنيا قولهم: إن أمر النبي صلى الله عليه وسلم سلم بأخذ ابن لبون مكان ابنة المخاض إنما أراد بالقيمة فيا لسهولة الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم سلم جهار اعلانية! فريب الفضيحة على هؤلاء القوم وما فهم قط من يدي العربية أن قول النبي صلى الله عليه وسلم سلم: (فيها ابنة مخاض، فإن لم تكن عنده ابنة مخاض على وجهها وعنده ابن لبون فإنه يقبل منه وليس معه شئ) يمكن أن يريد به بالقيمة!
وهذا أمر مفضل (4) جدا، وبعد عن الحياء والدين!.