من بلغه الخبر ان الهلال رؤى البارحة قلنا: هذا قياس والقياس كله باطل، ثم لو كان القياس حقا لكان هذا منه باطلا لان الذي جاءه خبر الهلال كان مأمورا بصوم ذلك اليوم لو علم أنه من رمضان أو انه فرضه، وكل من ذكرنا فهم عالمون بوجوب الصوم على غيرهم وبدخول رمضان الا أن فيهم (1) من هو منهى عن الصوم جملة، ولو صام كان عاصيا كالحائض، والنفساء، والمسافر، والمريض الذي يؤذيه الصوم، وفيهم من هو غير مخاطب بالصوم ولو صامه لم يجزه وهو الصبي، وإنما يصوم ان صام تطوعا لا فرضا، وفيهم من هو مخاطب بالصوم بشرط أن يقدم الاسلام قبله وهو الكافر، وفيهم من هو مفسوخ له في الصوم ان قدر عليه وفى الفطر ان شاء وهو المريض الذي لا (2) يشق عليه الصوم فكلهم غير ملزم ابتداء صوم ذلك اليوم بحال بخلاف من جاءه الخبر برؤية الهلال، والذي جاءه الخبر برؤية الهلال يجزئه صيام باقي يومه ولا قضاء عليه ويعصى ان أكل، وإنما اتبعنا فيمن بلغه ان اليوم من (3) رمضان الخبر الوارد في ذلك فقط، وأيضا فان من (4) ذكرنا لا يختلف الحاضرون المخالفون لنا في أن التي طهرت من الحيض، والنفاس، والقادم من السفر، والمفيق من المرض لا يجزئهم صيام ذلك اليوم وعليهم قضاؤه، ولا يختلفون في أن الذي بلغ والذي أسلم ان أكلا (5) فليس عليهما قضاؤه فصح أنهم في هذا اليوم غير صائمين أصلا، وإذا كانوا غير صائمين فلا معنى لصيامهم ولا أن يؤمروا بصوم ليس صوما ولاهم مؤدون به فرضا لله تعالى، ولا هم عاصون له بتركه وبالله تعالى التوفيق.
وأما من رأى القضاء في ذلك اليوم (6) على من أسلم فقول لا دليل على صحته، ولقد كان يلزم من رأى نية واحدة تجزئ للشهر كله في الصوم أن يقول: بهذا القول وإلا فهم متناقضون: وروينا عن ابن مسعود أنه قال: من أكل أول النهار فليأكل آخره وبالله تعالى التوفيق.
761 مسألة ومن تعمد الفطر في يوم من رمضان عاصيا لله تعالى لم يحل له ان يأكل في باقية (7) ولا أن يشرب ولا أن يجامع وهو عاص لله تعالى ان فعل وهو مع ذلك غير صائم بخلاف من ذكرنا قبل هذا، لان كل من ذكرنا قبل هذا إما منهى عن الصوم، واما مباح له ترك الصوم فهم في افطارهم مطيعون لله تعالى غير عاصين