عن الحرج والتكلف وعن أذى نفسه وإن كان لا يشق عليه أجزأه لأنه لا خلاف في ذلك وما نعلم (1) مريضا لا حرج عليه في الصوم قال الله تعالى (ما جعل عليكم في الدين من حرج) فالحرج لم يجعله الله تعالى في الدين.
763 مسألة ومن أقام من قبل الفجر ولم يسافر إلى بعد غروب الشمس في سفره فعليه إذا نوى الإقامة المذكورة ان ينوى الصوم ولابد، وسواء كان في جهاد أو عمرة أو غير ذلك لأنه إنما الزم الفطر إذا كان على سفر وهذا مقيم، فان أفطر عامدا فقد أخطأ إن كان جاهلا متأولا، وعصى إن كان عالما ولا قضاء عليه لأنه مقيم صحيح ظن أنه مسافر، فان نوى من الليل وهو في سفره ان يرحل (2) غدا فلم ينو الصوم فلما كان من الغد حدثت له إقامة فهو مفطر لأنه مأمور بما فعل، وهو على سفر ما لم ينو الإقامة المذكورة، وهذا بخلاف الصلاة لان النص ورد في الصلاة بقصر عشرين يوما يقيمها في الجهاد، وبقصر أربعة أيام يقيمها في الحج، وبقصر ما يكون فيه من الصلوات مقيما ما بين نزله إلى رحيله من غد، ولم يأت نص بأن يفطر في غير يوم لا يكون فيه مسافرا.
(فان قيل) قال الله تعالى: (فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر) فهذا على سفر قلنا: لو كانت على في هذه الآية معناها ما ظننتم من إرادة السفر لا الدخول في السفر لوجب على من أراد السفر وهو في منزله ان يفطر وان نوى السفر بعد أيام لأنه على سفر وهذا مالا يشك (3) في أنه لا يقوله أحد، ويبطله أيضا أول الآية إذ يقول تعالى: (فمن شهد منكم الشهر فليصمه) فوجب على الشاهد صيامه وعلى المسافر افطاره لقول (4) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليس من البر الصيام في السفر)، ولقوله عليه الصلاة والسلام: (ان الله وضع عن المسافر الصيام وشطر الصلاة) فصح انه ليس الا مسافر أو شاهد، فالشاهد يصوم والمسافر يفطر وليس المسافر الا المنتقل لا المقيم فلا يفطر الا من أنتقل بخلاف من لم ينتقل، ومن كان مقيما صائما فحدث له سفر فإنه إذا برز عن موضعه فقد سافر فقد بطل صومه وعليه قضاؤه، وبالله تعالى التوفيق.
(فان قيل): بل نقيس الصوم على الصلاة قلنا: القياس باطل ثم لو كان حقا لكان هذا منه باطلا لأنهم متفقون على أن قصر بعض الصلوات لا يقاس عليه قصر سائرها، فإذا لم يجز عندهم قياس قصر (5) صلاة على قصر صلاة أخرى فأبطل وأبعد أن يقاس فطر على فطر، وأيضا فقد ينوى في الصلاة المسافر إقامة فينتقل إلى حكم المقيم ولا يمكن