وبه أيضا يسقط ما ادعوه من زكاة التجارة في الرقيق، لأنه عليه السلام أبطل كل زكاة في الرقيق إلا زكاة الفطر.
والعجب كل العجب من أن أبا حنيفة وأصحابه أتوا إلى زكاتين مفروضتين، إحداهما في المواشي، والأخرى زكاة الفطر في الرقيق: فأسقطوا بإحداهما زكاة التجارة في المواشي المتخذة للتجارة، وأسقطوا الأخرى بزكاة التجارة في الرقيق! وحسبك بهذا تلاعبا!.
والعجب أنهم غلبوا ما روى في بعض الأخبار (في سائمة الغنم في كل أربعين شاة شاة) ولم يغلبوا ما جاء في بعض الأخبار في أن (صدقة الفطر على كل حر، أو عبد صغير، أو كبير، أو أنثى من المسلمين) على ما جاء في سائر الأخبار (الا صدقة الفطر في الرقيق) وهذا تحكم فاسد وتناقض! ولابد من تغليب الأعم على الأخص في كل موضع، إلا أن يأتي بيان نص في الأخص بنفي ذلك الحكم في الأعم، وبالله تعالى التوفيق.
706 مسألة فإن كان عبد أو أمة بين اثنين فصاعدا فعلى سيديهما إخراج زكاة الفطر، يخرج عن كل واحد من مالكيه بقد ر حصته فيه، وكذلك إن كان الرقيق كثيرا بن سيدين فصاعدا.
وقال أبو حنيفة، والحسن بن حي، وسفيان الثوري: ليس على سيديه ولا عليه أداء (1) زكاة الفطر، وكذلك لو كثر الرقيق المشترك.
وقال مالك، والشافعي: يخرج عنه سيداه بقدر ما يملك كل واحد منهما، وكذلك لو كثر الرقيق.
قال أبو محمد: ما نعلم لمن أسقط عنه صدقة الفطر وعن سيده حجة أصلا، إلا أنهم قالوا: ليس أحد من سيديه يملك عبدا، ولا أمة. وقال بعضهم: من ملك بعد الصاع لم يكن عليه أداؤه، فكذلك من ملك بعض عبد، أو بعض كل عبد، أو أمة من رقيق كثير.
قال أبو محمد: أما قولهم: لا يملكن عبدا، ولا أمة فصدقوا، ولا حجة لهم فيه، لان رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقل: يخرجها كل أحد عن عبده وأمته، وإنما قال: (2) (ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة إلا صدقة الفطر في الرقيق) فهؤلاء رقيق، والعبد المشترك رقيق، فالصدقة فيه واجبة بنص الخبر المذكور على المسلم وهذا اسم يعم النوع كله وبعضه، ويقع على الواحد والجميع، وبهذا النص لم يجز في الرقبة الواجبة نصفا رقبتين، لأنه لا يقع عليهما (3) اسم (رقبة) والنص جاء بعتق رقبة.