فهذا نص من النبي صلى الله عليه وسلم (1) بجواز ابتياع الصدقة، ولم يخص المتصدق بها من غيره.
وروينا عن أبي هريرة قال: لا تشتر (2) الصدقة حتى تعقل، يعنى حتى تؤديها.
وهذا نص قولنا.
وعن ابن عباس في الصدقة قال: إن اشتريتها أوردت عليك أو ورثتها حلت لك.
وعن عمر بن الخطاب قال: من تصدق بصدقة فلا يبتاعها (3) حتى تصير إلى غير الذي تصدق بها عليه.
قال أبو محمد: فهذا عمر يجيز للمتصدق بالصدقة ابتياعها. إذا انتقلت عن الذي تصدق بها عليه إلى غيره، ولافرق عندنا بين الامرين.
وقولنا هذا (4) هو قول عكرمة، ومكحول، وبه يقول أبو حنيفة: والأوزاعي، وأجازه الشافعي ولم يستحبه، ومنع منه مالك وأجاز رجوعها إليه (5) بالميراث.
وروينا عن ابن عمر: أنه كان إذا تصدق بشئ فرجع إليه بالميراث تصدق به، ويفتى بذلك.
فخرج قول مالك عن أن يكون له من الصحابة رضى الله تعالى عنهم موافق.
700 مسألة قال أبو محمد: ولا شئ في المعادن كلها، وهي فائدة، لا خمس فيها ولا زكاة معجلة، فان بقي الذهب والفضة عند مستخرجها حولا قمريا، وكان ذلك مقدار ما تجب فيه الزكاة: زكاه، وإلا فلا.
وقال أبو حنيفة: عليه في معادن الذهب، والفضة، والنحاس، والرصاص، والقزدير والحديد: الخمس، سواء كان في أرض عشر أو في أرض خراج، سواء أصابه مسلم أو كافر، عبد، أو حر قال: فإن كان في داره فلا خمس فيه، ولا زكاة، ولا شئ فيما عدا ذلك من المعادن. واختلف قوله في الزئبق: فمرة رأى فيه الخمس، ومرة لم ير فيه شيئا.
وقال مالك: في معادن الذهب والفضة الزكاة (6) معجلة في الوقت، إن كان مقدار ما فيه الزكاة (7)، ولا شئ في غيرها، ولا يسقط الزكاة في ذلك دين يكون عليه، فإن كان الذي أصاب في معدن الذهب أو الفضة ندرة (8) بغير كبير عمل، ففي ذلك الخمس.
قال أبو محمد: احتج من رأى فيه الخمس بالحديث الثابت: (وفى الركاز الخمس).