اتخذ (1) مالا زكاة فيه مما لم يبح له اتخاذه أن تكون فيه الزكاة عقوبة له، كما أسقط الزكاة عما فيه الزكاة من الذهب والفضة إذا اتخذ منه حلي مباح اتخاذه!.
فان قالوا: إنه يشبه متاع البيت الذي لا زكاة فيه من الثياب ونحوها.
قلنا لهم: فأسقطوا بهذا لعلة نفسها إن صححتموها الزكاة عن الإبل المتخذة للركوب والسني (2) والحمل والطحن، وعن البقر المتخذة للحرث.
وقبل كل شئ وبعد، فمع فساد هذه العلة وتناقضها، ومن أين قلتم بها؟ ومن أين صح لكم ان ما أبيح اتخاذه من الحلى تسقط عنه الزكاة؟ وما هو إلا قولكم جعلتموه حجة لقولكم ولا مزيد!.
ثم أين وجدتم إباحة اتخاذ المنطقة المحلاة بالفضة والمصحف المحلى بالفضة للرجال دون السرج واللجام، والمهاميز (3) المحلاة بالفضة؟!.
فان ادعوا في ذلك رواية عن السلف ادعوا ما لا يجدونه.
وأوجدناهم عن السلف بأصح طريق من طريق البخاري محمد بن إسماعيل في تاريخه عن عبد الله بن محمد المسندي عن سفيان عن إسماعيل بن محمد بن سعيد بن أبي وقاص عن عمه مصعب ابن سعد قال: رأيت على سعد بن أبي وقاص، وطلحة بن عبيد الله وصهيب خواتيم ذهب.
وصح أيضا عن البراء بن عازب.
فأسقطوا لهذا الزكاة عن خواتيم الذهب الرجال، أو قيسوا حلية السرج واللجام، والدرع والبيضة على المنطقة والسيف، والا فلا النصوص اتبعتم، ولا القياس استعملتم!
فسقط هذا القول بيقين.
وأما قول الليث ففاسد أيضا، لأنه لا يخلو حلي النساء من أن تكون فيه الزكاة أو لا تكون فيه الزكاة، فإن كانت فيه الزكاة ففي كل حال فيه الزكاة، وإن كان لا زكاة فيه فما علمنا على من اتخذ مالا زكاة فيه ليحرزه من الزكاة زكاة! ولو كان هذا لوجب على من اشترى بدراهمه دارا أو ضيعة ليحرزها من الزكاة أن يزكيها، وهو لا يقول بهذا.
وأما الشافعي فإنه علل ذلك بالنماء، فأسقط الزكاة عن الحلى (4) وعن الإبل، والبقر والغنم غير السوائم.