مخاطبا بالصلاة فيه، ولا كان أيضا مخاطبا بالصوم، ولكن الله تعالى أوجب على المريض عدة من أيام أخر، ولم يوجب تعالى على المريض قضاء صلاة، وأوجب قضاء الصلاة على النائم والناسي، ولم يوجب قضاء صيام على النائم والناسي (1) بل أسقطه تعالى عن الناسي والنائم، إذ لم يوجبه عليه، فصح قولنا. والحمد لله رب العالمين.
وأما قول أبي حنيفة ففي غاية الفساد، لأنه دعوى بلا برهان، ولم يتبع نصا ولا قياسا لأنه رأى على من أفاق في شئ من رمضان من جنونه قضاء الشهر كله، وهو لا يراه على من بلغ، أو أسلم حينئذ.
وقال بعض المالكيين: المجنون بمنزلة الحائض! وهذا كلام يغنى ذكره عن تكلف إبطاله، وما ندري فيما يشبه المجنون الحائض؟!.
755 مسألة ومن جهده الجوع أو العطش حتى غلبه الامر ففرض عليه أن يفطر، لقول الله تعالى: (ولا تقتلوا أنفسكم) ولقول الله تعالى: (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) وقول الله تعالى: (ما جعل عليكم في الدين من حرج) ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم).
فإن كان خرج بذلك إلى حد المرض فعليه القضاء، وإن كان لم يخرج إلى حد المرض فصومه صحيح (2) ولا قضاء عليه، لأنه مغلوب مكره مضطر، قال الله عز وجل: (وقد فصل لكم ما حرم عليكم الا ما اضطررتم إليه) ولم يأت القرآن ولا السنة بايجاب قضاء على مكره، أو مغلوب، بل قد أسقط الله تعالى القضاء عمن ذرعه القئ (3) وأوجبه على من تعمده.
756 مسألة ولا يلزم صوم في رمضان ولا في غيره الا بتبين (4) طلوع الفجر الثاني، وأما ما لم يتبين فالأكل والشرب والجماع مباح كل ذلك، كان على شك من طلوع الفجر أو على يقين من أنه لم يطلع.
فمن رأى الفجر وهو يأكل فليقذف ما في فمه من طعام وشراب، وليصم، ولا قضاء عليه، ومن رأى الفجر وهو يجامع فليترك (5) من وقته، وليصم، ولا قضاء عليه، سواء في كل ذلك كان طلوع الفجر (6) بعد مدة طويلة أو قريبة، فلو توقف باهتا فلا شئ عليه، وصومه تام، ولو أقام عامدا فعليه الكفارة.