وأيضا فإننا قد أوجدناهم ما حدثناه حمام قال ثنا عباس بن أصبغ عبد الملك ابن أيمن أنا أبو عبد الله الكابلي ثنا إسماعيل بن أبي أويس ثنا أبي عن عبد الله ومحمد ابني أبى بكر بن محمد بن عمر وبن حزم أبهما عن جدهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه كتب هذا الكتاب لعمرو بن حزم حين أمره على اليمن، وفيه الزكاة، فذكره، وفيه: (فإذا بلغت الذهب (1) قيمة مائتي درهم ففي قيمة كل أربعين درهما درهم حين تبلغ أربعين دينارا).
فمن المحال أن تكون صحيفة ابن حزم بعضها حجة وبعضها ليس بحجة، وهذه صفة الذين أخبر الله تعالى عنهم أنهم قالوا: (نؤمن ببعض الكتاب ونكفر ببعض).
وأما طريق حماد بن سلمة فمرسلة أيضا، والقول فيها كالقول في طريق معمر.
ثم لو صحا جميعا لما كان لهم فيهما حجة، لأنه ليس في شئ منهما ما قالوا به أصلا، لان نص رواية حماد (إلى عشرين ومائة، فإن كانت أكثر من ذلك فعد في كل خمسين حقة، فما فضل فإنه يعاد إلى أول فريضة الإبل) هذا نصه فقط، ولا يدل هذا على أن تعاد فيه الزكاة بالغنم كما ادعوا، ويحتمل هذا اللفظ أن يكون أراد أن يرد الحكم إلى أول فريضة الإبل (2) في أن في كل أربعين بنت لبون، لان في أول فريضة الإبل أن في أربعين بنت لبون وفى ثمانين بنتي لبون، فهذا أولى من تأويلهم الكاذب الفاسد المستحيل.
وأما حملهم ما روينا عن علي في ذلك على أنه مسند واحتجاجهم في ذلك بوجوب حسن الظن بعلي رضي الله عنه، وأنه لا يجوز أن يظن به أنه يحدث بغير ما عنده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: فقول لعمري صحيح، الا أنه ليس على بأولى بحسن الظن منا من عثمان رضي الله عنهما معا، والفرض علينا حسن الظن بهما، وإلا فقد سلكوا سبيل إخوانهم من الروافض.
ونحن نقول: كما لا يجوز أن يساء الظن بعلي رضي الله عنه في أن يظن أنه يحدث بغير ما عنده عن النبي صلى الله عليه وسلم أو يتعمد خلاف روايته عنه عليه السلام: فكذلك لا يجوز أن يساء الظن بعثمان رضي الله عنه، فيظن به أنه استخف بكتاب النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: لا حاجة لنا به، لكن نقول: لولا أن عثمان علم أن ما في كتاب على منسوخ ما رده، ولا أعرض عنه، لكن كان ذلك الكتاب عند على ولم يعلم بنسخه، وكان عند عثمان نسخه.
فنحسن الظن بهما جميعا كما يلزمنا، وليس احسان الظن بعلى وإساءته بعثمان بأبعد