أن لا يزكي غير السائمة، لكن جاء في حديث ابن عمر كما أوردنا قبل ايجاب الزكاة في الغنم جملة، فكان هذا زائدا على ما في حديث أبي بكر، والزيادة لا يجوز تركها (1).
وأما الخبر في سائمة الإبل فلا يصح، لأنه لم يرد الا في خبر بهز بن حكيم فقط (2).
ثم لو صح لكان ما في حديث أبي بكر وأبن عمر زيادة حكم عليه والزيادة لا يحل خلافها.
ولافرق بين هذا وبين قول الله تعالى: (قل لا أجد فيما أوحى إلى محرما على طاعم يطعمه الا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا) مع قوله تعالى: (حرمت عليكم الميتة والدم) فكان هذا زائدا على ما في تلك الآية وقوله تعالى: (لا تقتلوا أولادكم خشية املاق) مع قوله تعالى: (قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفها بغير علم) فكان هذا زائدا على ما في تلك الآية.
وهلا استعمل الحنيفيون والشافعيون هذا العمل حيث كان يلزمهم استعماله من قوله تعالى: (فمن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم) فقالوا: وكذلك من قتله مخطئا؟!
ولعمري ان قياس غير السائمة على السائمة لا شبه من قياس قاتل الخطأ على قاتل العمد!
وحيث قال الله تعالى: (وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن) فقالوا:
نعم، وان لم يكن في حجورنا.
ومثل هذا كثير جدا، لا يتثقفون فيه إلى أصل (3) فمرة يمنعون من تعدى ما في النص حيث جاء نص آخر بزيادة عليه، ومرة يتعدون النص حيث لم يأت نص آخر بزيادة عليه!، فهم أبدا يعكسون الحقائق، ولو أنهم أخذوا بجميع النصوص، ولم يتركوا بعضها لبعض، ولم يتعدوها إلى ما لا نص فيه: لكان أسلم لهم من النار والعار.
واما قولهم: ان الزكاة إنما جعلت على ما فيه النماء، فباطل، والزكاة واجبة في الدراهم الدنانير، ولا تنمى (4) أصلا وليست في الحمير، وهي تمنى، ولا في الخضر عند أكثرهم، وهي تنمى.
وأيضا فان العوامل من البقر والإبل تنمى أعمالها وكراؤها، وتمنى بالولادة أيضا.
فان قالوا: لها مؤنة في العلف.
قلنا: وللساعة مؤنة الراعي، وأنتم لا تلتفتون إلى عظيم المؤنة والنفقة في الحرث، وان استوعبته كله، بل ترون الزكاة (5) فيه، ولا تراعون الخسارة في التجارة، بل ترون