الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر)؟ قلنا: هذا في غاية البيان لا تخلو هذه الآية من أن يكون نزولها تأخر إلى وقت فتح مكة أو بعده، وتقدم فرض رمضان بوحي آخر كما كان نزول آية الوضوء في المائدة متأخرا عن نزول (1) فرضه، فإن كان تأخر نزولها فسؤالكم ساقط ولله الحمد رب العالمين (2)، وإن كان تقدم نزولها فلا يخلو عليه الصلاة السلام في صومه ذلك من أن يكون صامه لرمضان أو تطوعا، فإن كان صامه تطوعا فسؤالكم ساقط ولله الحمد، وإن كان صامه عليه الصلاة والسلام لرمضان فلا ننكر أن يكون عليه الصلاة والسلام نسخ بفعله حكم الآية ثم نسخ ذلك الفعل وعاد حكم الآية، فهذا كله حسن فكيف ولا دليل أصلا على تقدم نزول الآية قبل غزوة الفتح؟ وما نزل بعضها الا بعد الاسلام عدى بن حاتم بعد الفتح بمدة، وبالله تعالى التوفيق.
قال أبو محمد: ولم يبق علينا الا أن نذكر من قال: بمثل قولنا لئلا يدعوا علينا خلاف الاجماع، فالدعوى لذلك منهم سهلة، وهم أكثر الناس خلافا للاجماع على ما قد بينا في كتابنا هذا وفى غيره.
روينا من طريق سليمان بن حرب نا حماد بن سلمة عن كلثوم بن جبر عن رجل من بنى قيس أنه صام في السفر فأمره عمر بن الخطاب أن يعيد * ومن طريق سفيان ابن عيينة عن عاصم بن عبيد الله عن عبد الله بن عامر بن ربيعة عن عمر بن الخطاب أنه أمر رجلا أن يعيد صيامه في السفر.
قال أبو محمد: إن من احتج في رد السنن الثابتة من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم (كل بيعين فلا بيع بينهما حتى يتفرقا) برواية شيخ من بنى كنانة عن عمر أنه قال: البيع على (3) صفقة أو تخاير، ثم رد هذه الرواية عن عمر ومعه القرآن والسنن لأعجوبة وأخلوقة.
ومن طريق سليمان بن حرب عن أبي عوانة عن عمر بن أبي سلمة بن عبد الرحمن ابن عوف عن أبيه قال: نهتني عائشة أم المؤمنين (4) عن أن أصوم رمضان في السفر.
وعن أبي هريرة ليس من البر الصيام في السفر * ومن طريق شعبة عن أبي حمزة نصر ابن عمران الضبعي قال: سألت ابن عباس عن الصوم في السفر؟ فقال: يسر وعسر (5) خذ (6) بيسر الله تعالى.