قال أبو محمد: فلم يتفقوا على ايجاب القضاء ولا على ايجاب الاطعام فلا يجب شئ من ذلك إذ لا نص في وجوبه ولا اجماع، وعهدنا بهم يقولون في قول الصاحب إذا وافقهم: مثل هذا لا يقال بالرأي فهلا قالوا ههنا في قول ابن عمر في اسقاط القضاء، وقد روينا عن ابن عباس مثل قولنا كما روينا عن إسماعيل بن إسحاق نا إبراهيم بن حمزة الزبيري نا عبد العزيز بن محمد هو الدراوردي عن حميد عن بكر بن عبد الله المزني عن ابن عباس انه سئل عن مرضع في رمضان خشيت على ولدها فرخص لها ابن عباس في الفطر.
قال على: ولم يذكر قضاء ولا طعاما، وقال مالك: أما المرضع فتفطر وتطعم عن كل يوم مسكنا وتقضى مع ذلك، وأما الحامل فتقضى ولا اطعام عليها ولا يحفظ هذا التقسيم عن أحد من الصحابة والتابعين.
قال أبو محمد: احتج من رأى الاطعام في ذلك بقول الله تعالى: (وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين) * وذكروا ما رويناه من طريق حماد بن سلمة نا قتادة عن عكرمة قال:
نزلت هذه الآية في الحبلى، والمرضع، والشيخ، والعجوز.
واحتج من رأى القضاء بما رويناه (1) من طريق يزيد بن هارون عن جويبر عن الضحاك بن مزاحم قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يرخص للحبلى، والمرضع ان يفطروا في رمضان فإذا أفطمت المرضع ووضعت الحبلى جددتا صومهما.
قال على: حديث عكرمة مرسل، وحديث الضحاك فيه ثلاث بلايا، جويبر وهو ساقط (2)، والضحاك مثله، (3) وارسلا مع ذلك، لكن الحق في ذلك ما رويناه قبل في حكم الصوم في السفر من طريق سلمة بن الأكوع، ان (4) هذه الآية منسوخة، ومن طريق حماد ابن زيد عن سلمة بن علقمة عن محمد بن سيرين عن ابن عباس أنه قرأ هذه الآية (فدية طعام مسكين) فقال: هي منسوخة، فهذا هو المسند الصحيح الذي لا يجوز خلافه، والعجب كل العجب من هؤلاء القوم فإنهم يصفرن هذه الآية تصريف الافعال في غير ما أنزلت فيه، فمرة يحتجون بها في أن الصوم في السفر أفضل، ومرة يصرفونها في الحامل، والمرضع، والشيخ الكبير، وكل هذا إحالة لكلام الله تعالى، وتحريف للكلم عن مواضعه وما ندري كيف يستجيز من يعلم أن وعد الله حق مثل هذا في القرآن وفى دين الله تعالى؟ ونعوذ بالله من الضلال.