والرضيع فلقول الله تعالى: (قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفها بغير علم)، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله (من لا يرحم لا يرحم) * فإذ رحمة الجنين والرضيع فرض، ولا وصول إليها إلا بالفطر فالفطر فرض، وإذ هو فرض فقد سقط عنهما الصوم، وإذا سقط الصوم فايجاب القضاء عليهما (1) شرع لم يأذن الله تعالى به ولم يوجب الله تعالى القضاء الا على المريض، والمسافر، والحائض، والنفساء، ومتعمد القئ فقط، (ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه)، وأما الشيخ الذي لا يطيق الصوم لكبره فالله تعالى يقول: (لا يكلف الله نفسا الا وسعها)، فإذا لم يكن الصوم في وسعه فلم يكلفه، وأما تكليفهم إطعاما فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ان دماءكم وأموالكم عليكم حرام) فلا يجوز لاحد إيجاب غرامة لم يأت بها نص ولا إجماع.
قال أبو محمد: روينا عن إبراهيم ان علقمة جاءته امرأة فقالت له: انى (2) حبلى وأنا أطيق الصوم (3) وزوجي يأمرني أن أفطر فقال لها علقمة: أطيعي ربك واعصي زوجك.
وممن أسقط عنها القضاء روينا عن حماد بن سلمة عن أيوب السختياني، وعبيد الله بن عمر كلاهما عن نافع ان امرأة من قريش سألت ابن عمر وهي حبلى فقال لها: أفطري وأطعمي كل يوم مسكينا ولا تقضى.
ومن طريق حماد بن سلمة عن أيوب السختياني، وقتادة كلاهما عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قال لامة له مرضع: أنت بمنزلة (وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكني) أفطري وأطعمي كل يوم مسكينا ولا تقضى.
روينا كليهما من طريق إسماعيل بن إسحاق عن الحجاج بن المنهال عن حماد، ومن طريق عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن سعيد بن جبير قال: تفطر الحامل التي في شهرها والمرضع التي تخالف على ولدها وتطعم كل واحدة منهما كل يوم مسكينا ولا قضاء عليهما وبه يقول قتادة، وهو ظاهر قول سعيد بن المسيب:، وممن أسقط الاطعام كما روينا من طريق عبد الرزاق عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس قال: تفطر الحامل، والمرضع في رمضان ويقضيانه صياما ولا اطعام عليهما، ومثله عن عكرمة، وعن إبراهيم النخعي وهو قول أبي حنيفة، وسفيان، وممن رأى عليهما الامرين جميعا عطاء بن أبي رباح فإنه قال: إذا خافت المرضع والحامل على ولدها (4) فلتفطر ولتطعم مكان كل يوم نصف صاع ولتقض بعد ذلك وهو قول الشافعي.