الثانية أو لم يكفر.
قال أبو حنيفة: عليه لكل ذلك ولو أنه أفطر في كل يوم من رمضان عامدا كفارة واحدة فقط إلا أن يكون قد كفر ثم أفطر نهارا آخر فعليه كفارة أخرى * وقد روى عنه انه سواء كفر أو لم يكفر ليس عليه الا كفارة واحدة إذا كانت الأيام من شهر واحد، فإن كان اليومان اللذان أفطر فيهما من شهر رمضان اثنين فلكل يوم منهما كفارة غير اليوم الآخر، فلم يختلف قوله فيمن تعمد الفطر أيام رمضان كلها أو بعضها أو يوما واحدا منها في أنه ليس عليه الا كفارة واحدة فقط، إذا لم يكفر في خلال ذلك، ولم يختلف قوله فيمن أفطر يومين من رمضانين ان عليه كفارتين كفر بينهما أو لم يكفر، واختلف قوله فيمن أفطر يومين فصاعدا من رمضان واحد وكفر في خلال ذلك، فمرة قال: عليه كفارة أخرى، ومرة قال: ليس عليه الكفارة التي كفر بعد وقال مالك، والليث، والحسن بن حي، والشافعي: مثل قولنا، وهو قول عطاء، واحد قول الشافعي.
قال أبو محمد: وهذا ما تناقض فيه أبو حنيفة وخالف فيه (1) جمهور العلماء.
برهان (2) صحة قولنا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي وطئ امرأته في رمضان بالكفارة فصح أن لذلك اليوم الكفارة المأمور بها، وكل يوم فلا فرق بينه وبين ذلك اليوم لان الخطاب بالكفارة واقع عليه فيه كما وقع في اليوم الأول ولا فرق، فان قيل هلا قستم هذا على الحدود، قلنا: القياس باطل ثم لو كان حقا لكان هذا منه عين الباطل، لان الحدود التي يقيمها الامام والحاكم على المرء كرها ولا يحل للمرء أن يقيمها على نفسه بخلاف الكفارة التي إنما يقيمها المرء على نفسه وهو مخاطب بها على نفسه وليس مخاطبا بالحدود على نفسه، وفروق أخر نذكرها إن شاء الله تعالى في الحدود.
وأيضا فان أبا حنيفة رأى إن كان اليومان من رمضانين فكفارتان ولا بد، ولا خلاف منه في أنه لو زنى بامرأتين من بلدين مختلفتين في عامين مختلفين فحد واحد، ولو شرب خمرا من عصير عام واحد وخمرا من عصير عام آخر فحد واحد، ولو سرق في عامين مختلفين فقطع واحد وبالله تعالى التوفيق.
ومن أعجب الأشياء ان أبا حنيفة قال: ما ذكرنا، ورأي فيمن ظاهر (3) من امرأتيه بلفظ واحد ان عليه لكل امرأة كفارة أخرى، وقال فيمن قال في مجلس: