؟! ولو ذبح فرس للاكل في جانب من جوانب بغداد ما كان يمكن أن يخفى في الجانب الآخر، ولو تصدقت امرأة أحدنا أو جاره الملاصق بصاع أقط أو صاع زبيب وصاع قمح ما كاد هو يعلمه في الأغلب، فأعجبوا لعكس هؤلاء القوم الحقائق! (1) ثم إن هذه الطوائف الثلاثة مخالفة لما في هذا الخبر.
أما أبو حنيفة فأشهر أقواله أن نصف صاع زبيب يجزئ وأن الاقط لا يجزئ إلا بالقيمة.
وأما الشافعي فأشهر أقواله أن الاقط لا يجزئ، وأجاز إخراج ما منعت هذه الأخبار من إخراجه، مما لم يذكر فيها من الذرة وغير ذلك.
وأما المالكيون، والشافعيون فخالفوها جملة، لأنهم لا يجيزون إخراج شئ من هذه المذكورات في هذا الخبر إلا لمن كانت قوته، وخبر أبي سعيد لا يختلف فيه أنه على التخيير، وكلهم يجيز إخراج من منعت هذه الأخبار من إخراجه.
فمن أضل ممن يحتج بما هو أول مخالفه له؟! ما هذا من التقوى، ولا من البر:
ولا من النصح لمن اغتر بهم من المسلمين!.
وأما نحن فوالله لو انسند (3) صحيحا شئ من كل ما ذكرنا من الاخبار لبادرنا إلى الاخذ به، وما توقفنا عند ذلك، لكنه ليس منها مسند صحيح ولا واحد، فلا يحل الاخذ بها في دين الله تعالى.
وقال بعضهم: إنما قلنا بجواز القمح لكثرة القائلين به وجمح فرس بعضهم فادعى الاجماع في ذلك جرأة وجهلا! (4).
فذكروا ما رويناه من طريق عبد الرزاق عن معمر عن أيوب السختياني عن نافع عن ابن عمر: (فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر على الذكر، والأنثى، والحر، والعبد، صاع من تمر أو صاع (5) من شعير، قال ابن عمر: فعدله الناس بعد مدين (6) من قمح).