وانهم ليدعون الاجماع بأقل من هذا إذا وجدوه.
وعن أفلح بن حميد: كان القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق يخرج زكاة الفطر صاعا من تمر.
ومن طريق هشام بن عروة عن أبيه: أنه كان إذا كان يوم الفطر أرسل صدقة كل انسان من أهله صاعا من تمر.
ومن طريق ابن أبي شيبة: ثنا حماد بن مسعدة (1) عن خالد بن أبي بكر قال: كان سالم بن عبد الله لا يخرج الا تمرا، يعنى في صدقة الفطر.
فهؤلاء ابن عمر، والقاسم، وسالم، وعروة لا يخرجون في صدقة الفطر إلا التمر، وهم يقتاتون البر بلا خلاف، وان أموالهم لتسع إلى اخراج (2) صاع دراهم عن أنفسهم، ولا يؤثر ذلك في أموالهم رضي الله عنهم.
فان قيل: هم من أهل المدينة.
قلنا: ما خص رسول الله صلى الله عليه وسلم بحكم صدقة الفطر أهل المدينة من أهل الصين، ولا بعث إلى أهل (3) المدينة دون غيرهم.
والعجب كل العجب من إجازة مالك إخراج الذرة، الدخن، والأرز لمن كان ذلك قوته، وليس شئ من ذلك مذكورا في شئ من الاخبار أصلا، ومنع من إخراج الدقيق لأنه لم يذكر في الاخبار! ومنع من اخراج القطاني وإن كانت قوت المخرج!
ومنع من التين، والزيتون، وإن كانا قوت المخرج! وهذا كله تناقض، وخلاف للاخبار، وتخاذل في القياس! وابطالهم لتعليلهم بأن البر أفضل من الشعير! ولا شك في أن الدقيق والخبز من البر والسكر أفضل من البر وأقل مؤنة وأعجل نفعا! فمرة يجيزون ما ليس في الخبر، ومرة يمنعون مما ليس في الخبر! وبالله تعالى التوفيق.
وهكذا القول في الشافعيين ولافرق.
قال أبو محمد: وشغب الحنيفيون بأخبار نذكر منها طرفا إن شاء الله تعالى:.
منها خبر رويناه من طريق سفيان وشعبة كلاهما عن عاصم بن سليمان الأحول سمع أبا قلابة قال: حدثني من أدى إلى أبى بكر الصديق نصف صاع بر في صدقة الفطر (4).
ومن طريق الحسين (5) بن علي الجعفي عن زائدة عن عبد العزيز بن أبي راود عن