لو كان شئ من القياس صحيحا فان ذكروا قول الله تعالى (لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين) قلنا هذا على من مات كافرا لا على من راجع الاسلام يبين ذلك قول الله تعالى (ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم) وقوله تعالى (ولتكونن من الخاسرين) شهادة صحيحة قاطعة لقولنا لأنه لا خلاف بين أحد (1) من الأمة في أن من ارتد ثم راجع الاسلام ومات مسلما فإنه ليس من الخاسرين، بل من الرابحين المفلحين، وإنما الخاسر من مات كافرا وهذا بين والحمد لله. واما الدم الظاهر من فرج المرأة الحامل فقد اختلف الناس فيه فروينا من طريق أم علقمة عن عائشة أم المؤمنين ان الحامل تحيض وهو أحد قولي الزهري، وهو قول عكرمة وقتادة وبكر بن عبد الله المزني وربيعة ومالك والليث والشافعي، وروينا عن سعيد بن المسيب والحسن وحماد بن أبي سليمان أنها مستحاضة لا حائض (2) وروى عن مالك أنه قال في الحامل ترى الدم انها لا تصلى الا ان يطول ذلك بها فحينئذ تغتسل وتصلى، ولم يحد في الطول حدا وقال أيضا ليس أول الحمل كآخره، ويجتهد لها ولا حد في ذلك، وروينا من طريق عطاء عن عائشة أم المؤمنين: أن الحامل وان رأت الدم فإنها تتوضأ وتصلى وهو قول عطاء والحكم بن عتيبة والنخعي والشعبي وسليمان بن يسار ونافع مولي ابن عمر وأحد قولي الزهري وهو قول سفيان الثوري والأوزاعي وأبي حنيفة وأحمد ابن حنبل وأبي ثور وأبي عبيد وداود وأصحابهم: قال أبو محمد صح ان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهي عن طلاق الحائض وأمر بالطلاق في حال الحمل وإذا كانت حائلا فصح ان حال الحائض والحائل غير حال الحامل (3). وقد اتفق المخالفون لنا على أن ظهور الحيض استبراء وبراءة من الحمل، فلو جاز أن تحيض الحامل لما كان الحيض براءة من الحمل، وهذا بين جدا والحمد لله، وإذا كان ليس حيضا ولا عرق استحاضة فهو غير موجب للغسل ولا للوضوء إذ لم يوجب ذلك نص ولا اجماع وكذلك دم
(٢٦٣)