من الحق شيئا، مع فساد القياس ومعارضة بعضه بعضا وأما المالكيون فلم يقيسوا ههنا فوفقوا، وعللوا ههنا بخارج ولا بمخرج ولا بنجاسة فأصابوا، ولو فعلوا ذلك في تعليلهم الملامسة بالشهوة، وفى تعليلهم النهي عن البول في الماء الراكد، والفأرة تموت في السمن -: لوفقوا ولكن لم يطردوا أقوالهم. فالحمد لله على عظم نعمه علينا. وهم يدعون أنهم يقولون بالمرسل، وقد أوردنا في هذا الباب مرسلات لم يأخذوا بها، وهذا أيضا تناقض * وأما الوضوء من أذى المسلم فقد روينا (1) عن عائشة رضي الله عنها قالت:
يتوضأ أحدكم من الطعام الطيب، ولا يتوضأ من الكلمة العوراء يقولها لأخيه! وعن ابن مسعود رضي الله عنه: لان أتوضأ من الكلمة الخبيثة أحب إلى من أن أتوضأ من الطعام الطيب. وعن ابن عباس: الحدث حدثان، حدث الفرج وحدث اللسان، وأشدهما حدث اللسان. وعن إبراهيم النخعي: إني لأصلي الظهر والعصر والمغرب بوضوء واحد، إلا أن أحدث أو أقول منكرا، الوضوء من الحدث وأذى المسلم.
وعن عبيدة السلماني: الوضوء يجب من الحدث وأذى المسلم (2). وروينا من طريق داود بن المحبر عن شعبة عن قتادة عن أنس: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ من الحدث وأذى المسلم) * (3) قال علي: داود بن المحبر كذاب مشهور بوضع الحديث، ولكن لا فرق بين تقليد من ذكرنا قبل في الوضوء من الرعاف والقئ والقلس، والاخذ بذلك الأثر الساقط، وبين تقليد من ذكرنا ههنا في الوضوء من أذى (4) المسلم، والاخذ بهذا الأثر الساقط، بل هذا على أصولهم أوكد، لان الخلاف هنالك بين الصحابة رضي الله عنه م موجود، ولا مخالف يعرف ههنا لعائشة وابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهم، وهم يشنعون مثل هذا إذا وافقهم * وأما نحن فلا حجة عندنا إلا فيما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قرآن أو خبر * وأما مس الصليب والوثن فإننا روينا عن عبد الرزاق عن سفيان بن عيينة