الموطأ بالمدينة لمالك ثم جمع ابن عيينة كتاب الجامع والتفسير في أحرف من علم القرآن. وفي الأحاديث المتفرقة وجامع سفيان الثوري وصنفه أيضا في هذه المدة وقيل: أنها صنفت سنة ستين ومائة انتهى.
الفائدة الثالثة: قال القاضي أبو بكر بن العربي في شرح الترمذي: الموطأ هو الأصل الأول واللباب، وكتاب البخاري هو الأصل الثاني في هذا الباب، وعليهما بنى الجميع كمسلم والترمذي. قال: وذكر ابن الهباب أن مالكا روى مائة ألف حديث جمع منه في الموطأ عشرة آلاف ثم لم يزل يعرضها على الكتاب والسنة ويخبرها بالآثار والاخبار حتى رجعت إلى خمسمائة. وقال الكيا الهراسي في تعليقه في الأصول: أن موطأ مالك كان اشتمل على تسعة آلاف حديث ثم لم يزل ينتقي حتى رجع إلى سبعمائة. وأخرج أبو الحسن بن فهر في فضائل مالك عن عتيق بن يعقوب قال: وضع مالك الموطأ على نحو من عشرة آلاف حديث فلم يزل ينظر فيه في كل سنة ويسقط منه حتى بقي منه هذا. وقال سليمان بن بلال: لقد وضع مالك الموطأ وفيه أربعة آلاف حديث أو أكثر، ومات وهي ألف حديث ونيف يخلصها عاما عاما بقدر ما يرى أنه أصلح للمسلمين وأمثل في الدين. أورده القاضي عياض في المدارك.
وأخرج ابن عبد البر عن عمر بن عبد الواحد صاحب الأوزاعي قال: عرضنا على مالك الموطأ في أربعين يوما فقال: كتاب ألفته في أربعين سنة أخذتموه في أربعين يوما ما أقل ما تفقهون فيه.
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن أبي خليد قال: أقمت على مالك فقرأت الموطأ في أربعة أيام فقال مالك: علم جمعه شيخ في ستين سنة أخذتموه في أربعة أيام لا فقهتم أبدا.
وقال أبو عبد الله محمد بن إبراهيم الكناني الأصبهاني قلت لأبي حاتم الرازي: موطأ مالك بن أنس لم سمي موطأ؟ فقال: شئ قد صنفه ووطأ للناس حتى قيل موطأ مالك كما قيل جامع سفيان. وقال أبو الحسن بن فهر: أنا أحمد بن إبراهيم بن فراس، سمعت أبي يقول:
سمعت علي بن أحمد الخليجي يقول: سمعت بعض المشايخ يقول: قال مالك: عرضت كتابي هذا على سبعين فقيها من فقهاء المدينة فكلهم واطأني عليه فسميته الموطأ. قال ابن فهر: لم يسبق مالكا أحد إلى هذه التسمية، فإن ممن ألف في زمانه بعضهم سمي بالجامع وبعضهم بالمصنف وبعضهم بالمؤلف ولفظة الموطأ بمعنى الممهد المنقح انتهى.
قلت: وفي القاموس وطأه هيأه ودمثه وسهله، ورجل موطأ الأكتاف سهل دمث كريم مضياف أو يتمكن في ناحيته صاحبه غير مؤذي ولا ناب به موضعه وموطأ العقب سلطان يتبع وهذه المعاني كلها تصلح في هذا الاسم على طريق الاستعارة.
وأخرج ابن عبد البر عن المفضل بن محمد بن حرب المدني قال: أول من عمل كتابا بالمدينة على معنى الموطأ من ذكر ما اجتمع عليه أهل المدينة عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون وعمل ذلك كلاما بغير حديث فأتى به مالكا فنظر فيه فقال: ما أحسن ما عمل ولو كنت أنا الذي عملت ابتدأت بالآثار ثم شددت بالكلام. قال: ثم إن مالكا عزم على تصنيف الموطأ فصنفه فعمل من كان بالمدينة يومئذ من العلماء الموطآت، فقيل لمالك: شغلت نفسك بعمل هذا