إذا لم يسع اللفظ عرفا فيما لا يطالب به. ولو قال: غصبك أو غصبتك ما تعلم لم يصح إذ قد يريد نفسه، فإن قال: أردت غير نفسك قبل لأنه غلظ على نفسه، وإن قال: غصبتك شيئا ثم قال: أردت نفسك لم يقبل، وقضيته أن الحكم كذلك لو قال: غصبتك شيئا تعلمه وهو ظاهر، ويفرق بينه وبين ما مر في غصبتك ما تعلم بأن شيئا استام ظاهر في المغايرة بخلاف ما. (ولو أقر بمال) مطلق (أو مال عظيم أو كبير بموحدة بعد الكاف بخطه، (أو كثير) بمثلثة بعد الكاف بخطه، وجليل أو خطير أو وافر أو نفيس أو أكثر من مال فلان أو مما في يده أو مما يشهد به الشهود عليه أو مما حكم به الحاكم على فلان أو نحو ذلك، (قبل تفسيره بما قل منه) أي من المال وإن لم يتمول كحبة حنطة وإن كثر مال فلان. أما عند الاقتصار على المال فلصدق الاسم عليه والأصل براءة الذمة من الزيادة، وأما عند وصفه بالعظمة ونحوها فلاحتمال أن يريد ذلك بالنسبة إلى الفقير أو الشحيح أو باعتبار كفر مستحله وعقاب غاصبه وصواب باذله لمضطر ونحوه. وأما كونه أكثر من مال فلان فمن حيث أنه أحل منه أو أنه دين لا يتعرض للتلف، وذلك عين تتعرض له. وقد قال الشافعي رضي الله تعالى عنه: أصل ما أبني عليه الاقرار أن ألزم اليقين وأطرح الشك ولا استعمل الغلبة. قال الشيخ أبو علي: أي ما غلب على الناس اه. والمراد باليقين في كلامه ما يشمل الظن القوي كما قال الهروي وغيره: الشافعي يلزم في الاقرار باليقين وبالظن القوي لا بمجرد الظن والشك، ويقبل منه ذلك إذا وصف المال بضد ما ذكر كقوله مال حقير أو قليل أو خسيس أو طفيف أو نحو ذلك من باب أولى، ويكون وصفه بالحقارة ونحوها من حيث احتقار الناس له أو فناؤه.
ويخالف ما ذكروه هنا من أن حبة البر ونحوها مال كما ذكر ما قالوه في باب البيع من أنها لا تعد مالا، فإن كونها لا تعد مالا لعدم تمولها لا ينفي كونها مالا كما يقال زيد لا يعد من الرجال وإن كان رجلا، فكل متمول مال ولا ينعكس. فإن قيل: كيف يحكي الخلاف في قبول التفسير بها في قوله شئ ويجزم بالقبول في مال أو مال عظيم ونحوه بل ينبغي أن يعكس ذلك. أجيب بأنه إنما لم يذكر الخلاف هنا لأنه يخفى أن الجواب هنا مفرع على الأصل هناك. (وكذا) يقبل تفسيره (بالمستولدة) للمقر له (في الأصح) لأنها تؤجر وينتفع بها، وتجب قيمتها إذا أتلفها أجنبي وإن كانت لا تباع.
والثاني: لا، لخروجها عن اسم المال المطلق إذ لا يصح بيعها. ولا فرق على الأول في قبول تفسيره بها بين أن يقول: له علي مال كما في الروضة وأصلها والمحرر، أو يقول: له عندي مال، وإن قيل المناسب في صورة التفسير بها هو الثاني. ولو فسره بوقف عليه، قال الرافعي: فيشبه أن يخرج على الخلاف في الملك اه. وقضيته أنه لا يقبل على الأظهر، ويؤيده ما صرحا في كتاب الايمان من أنه لو حلف لا مال له لم يحنث بالموقوف إن قلنا: الملك فيه لله تعالى، أي وهو الأظهر، أو للواقف، وإن قلنا فكالمستولدة. و (لا) يقبل تفسيره (بكلب و) لا (جلد ميتة) ونحوهما من النجاسات لانتفاء اسم المال عنهما. (وقوله) أي المقر (له) أي لزيد مثلا: علي (كذا كقوله): علي (شئ) فيقبل تفسيره بما مر فيه لأنها أيضا مبهمة، وهي في الأصل مركبة من كاف التشبيه واسم الإشارة، ثم نقلت فصار يكنى بها عن العدد وغيره، ويجوز استعمالها في النوعين مفردة ومركبة ومعطوفة، تقول: نزلنا بدار كذا وبكذا كذا، أو بكذا وكذا وهكذا في العدد.
(وقوله): له علي (شئ شئ أو كذا كذا) ولو زاد على مرتين من غير عطف (كما لو لم يكرر) لأن ما بعد الأول يحتمل التأكيد بل هو ظاهر فيه فيؤخذ باليقين، فإن قال: أردت الاستئناف، عمل به لأنه غلظ على نفسه. (ولو) كرر مع العطف كأن (قال): له علي (شئ وشئ أو كذا وكذا وجب شيئان) متفقان أو مختلفان بحيث يقبل ك منهما في تفسير شئ لاقتضاء العرف المغايرة. (ولو قال): له علي (كذا درهما أو رفع الدرهم أو جره) أو سكنه، (لزمه درهم)