في البيع. وعبر كغيره هنا بالرضا تنبيها على أنه لا يجب على المحتال الرضا بالحوالة وتوطئه لقوله: (لا المحال عليه في الأصح) فلا يشترط رضاه لأنه محل الحق والتصرف كالعبد المبيع، ولان الحق للمحيل فله أن يستوفيه بغيره، كما لو وكل غيره بالاستيفاء. والثاني: يشترط رضاه بناء على أن الحوالة استيفاء ولا يتعين لفظ الحوالة، بل هو أو ما يؤدي معناه كنقلت حقك إلى فلان، أو جعلت ما أستحقه على فلان لك، أو ملكتك الدين الذي لي عليه بحقك، وقوله: أحلني كبعني في البيع، فتصح الحوالة به. ولا تنعقد بلفظ البيع مراعاة للفظ، وقيل: تنعقد مراعاة للمعنى كالبيع بلفظ السلم. ولو قال: أحلتك على فلان بكذا ولم يقل بالدين الذي لك عليه، قال البلقيني: فهو كناية كما يؤخذ مما يأتي أنه لو قا: أردت بقولي أحلتك الوكالة صدق بيمينه. والأوجه كما قال شيخي أنه صريح، لكن يقبل الصرف كغيره من الصرائح التي تقبله. (ولا تصح على من دين عليه) بناء على الأصح من أنها بيع، إذ ليس للمحيل على المحال عليه شئ يجعله عوضا عن حق المحتال.
(وقيل: تصح برضاه) بناء على أنها استيفاء إلخ. فقبوله ضمان لا يبرأ به المحيل، وقيل: يبرأ. وعلى الأول لو تطوع بقضاء دين المحيل كان قاضيا دين غيره وهو جائز. (وتصح بالدين اللازم) وهو ما لا خيار فيه، ولا بد أن يجوز الاعتياض عنه كالثمن بعد زمن الخيار وإن لم يستقر كالصداق قبل الدخول والموت والأجرة قبل مضي المدة، والثمن قبل قبض المبيع بأن يحيل به المشتري البائع على ثالث. (وعليه) كذلك بأن يحيل البائع غيره على المشتري سواء اتفق الدينان في سبب الوجوب أم اختلفا، كأن كان أحدهما ثمنا والآخر قرضا أو أجرة فلا تصح بالعين لما مر أنها بيع دين بدين، ولا بما لا يجوز الاعتياض عنه كدين السلم فلا تصح الحوالة به ولا عليه وإن كان لازما. ولا تصح الحوالة للساعي ولا للمستحق بالزكاة ممن هي عليه ولا عكسه، وإن تلف النصاب بعد التمكن لامتناع الاعتياض عنها، وتصح على الميت لأنه لا يشترط رضا المحال عليه. وإنما صحت عليه مع خراب ذمته لأن ذلك إنما هو بالنسبة للمستقبل، أي لا تقبل ذمته شيئا بعد موته، وإلا فذمته مرهونة بدينه حتى يقضى عنه. ولا تصح على التركة لعدم الشخص المحال عليه. (و) تصح بالدين (المثلي) كالنقود والحبوب، (وكذا المتقوم) بكسر الواو كالعبد والثوب، (في الأصح) لثبوته في الذمة بعقد السلم ولزومه. والثاني: لا، إذ المقصود من الحوالة إيصال الحق من غير تفاوت ولا يتحقق فيما لا مثل له. وقضيته أن المثل لا خلاف فيه وليس مرادا، بل قيل: إنها لا تصح إلا بالأثمان خاصة كما قاله في الكفاية. (و) تصح (بالثمن في مدة الخيار) بأن يحيل المشتري البائع على إنسان، (وعليه) بأن يحيل البائع إنسانا على المشتري (في الأصح) لأنه آيل إلى اللزوم بنفسه، والجواز عارض فيه. والثاني: لا يصحان لعدم اللزوم الآن.
وعلى الأول يبطل الخيار بالحوالة بالثمن لتراضي عاقديها، ولان مقتضاها اللزوم فلو بقي الخيار فات مقتضاها، وفي الحوالة عليه يبطل في حق البائع رضاه بها لا في حق مشتر لم يرض، فإن رضي بها بطل في حقه أيضا في أحد وجهين رجحه ابن المقري، وهو المعتمد، ثم قال: فإن فسخ المشتري البيع بطلت اه. إن قيل: هذا مخالف لعموم ما قالوه من أن الحوالة على الثمن لا تبطل بالفسخ. أجيب بأن الفسخ بالخيار مستثنى، ولا بعد كما قال شيخي في ذلك وإن استبعده بعض المتأخرين لأن العقد مزلزل.
فإن قيل: صحة الحوالة زمن الخيار مشكل إذا كان الخيار للبائع أو لهما لأن الثمن لم ينتقل عن ملك المشتري. أجيب بأن البائع إذا أحال فقد أجاز فوقعت الحوالة مقارنة لذلك وذلك كاف. فإن قيل: هذا مشكل بامتناع بيع البائع الثمن في زمن الخيار إذا كان له؟ أجيب بأنهم لما توسعوا في بيع الدين بالدين توسعوا في بيعه فيما ذكر بخلاف ذلك. (والأصح صحة حوالة المكاتب سيده بالنجوم) لوجود اللزوم من جهة السيد والمحال عليه فيتم الغرض منها، ولصحة الاعتياض عنها في قول نص عليه في الام. وفرق البلقيني بينها وبين دين السلم بأن السيد إذا احتال بمال الكتابة لا يتطرق إليه أن يصير