وأصلها في الايمان، ولم يقيده بفوري ولا بغيره، وهو يقوي ما مر فيقدم حق الآدمي. وقد مرت الإشارة إلى هذه المسألة في باب من تلزمه الزكاة.
تنبيه: يستثنى من إطلاقه ما لو حجر عليه في زمن خيار البيع فإنه لا يتعلق حق الغرماء بالمعقود عليه، فيجوز له الفسخ والإجازة على خلا ف المصلحة في الأصح. (وأشهد) الحاكم ندبا، وقيل: وجوبا، (على حجره) أي المفلس، وأشهره بالنداء عليه (ليحذر) من معاملته. قال العمراني: فيأمر مناديا ينادي في البلد أن الحاكم حجر على فلان ابن فلان. (ولو) تصرف تصرفا ماليا مفوتا في الحياة بالانشاء مبتدأ، كأن (باع) أو اشترى بالعين (أو وهب أو أعتق) أو أجر أو وقف أو كاتب، (ففي قول يوقف تصرفه) المذكور، (فإن فضل ذلك عن الدين) لارتفاع القيمة أو إبراء الغرماء أو بعضهم، (نفذ) أي بان أنه كان نافذا (وإلا) أي وإن لم يفضل (لغا) أي بان أنه كان لاغيا، (والأظهر بطلانه) في الحال لتعلق حقهم به كالمرهون، ولأنه محجور عليه بحكم الحاكم فلا يصح تصرفه على مراغمة مقصود الحجر كالسفيه. قال الأذرعي: ويجب أن يستثنى من منع الشراء بالعين ما لو دفع له الحاكم كل يوم نفقة له ولعياله فاشترى بها، فإنه يصح جزما فيما يظهر، وأشار إليه بعضهم وهو ظاهر، وسيأتي ما يخرج بهذه القيود. (فلو باع ماله) كله أو بعضه لغريمه بدينه كما صرح به في المحرر، أو (لغرمائه بدينهم) من غير إذن القاضي، (بطل) البيع (في الأصح) لأن الحجر يثبت على العموم، ومن الجائز أن يكون له غريم آخر. والثاني: يصح، لأن الأصل عدم غيرهم، وبالقياس على بيع المرهون من المرتهن. والقولان مفرعان على بطلان البيع لأجنبي السابق كما أفادته الفاء، أما بإذن القاضي فيصح. واحترز بقوله: بدينهم عما إذا باعه ببعض دينهم أو بعين فإنه كالبيع من أجنبي لأنه لا يتضمن ارتفاع الحجر عنه، بخلاف ما إذا باع بكل الدين فإنه يسقط، ولو باعه لأجنبي بإذن الغرماء لم يصح في الأصح. وخرج بالتصرف المالي التصرف في الذمة كما قال: (ولو) تصرف في ذمته كأن (باع سلما) طعاما أو غيره، (أو اشترى) شيئا بثمن (في الذمة) أو باع فيها لا بلفظ السلم، أو اقترض أو استأجر، (فالصحيح صحته ويثبت) المبيع والثمن ونحوهما (في ذمته) إذ لا ضرر على الغرماء فيه.
والثاني: لا يصح كالسفيه.
تنبيه: لو قال: فلو تصرف في ذمته كما قدرته في كلامه تبعا للرافعي لكان أولى. (ويصح نكاحه وطلاقه وخلعه) ورجعته (واقتصاصه) أي استيفاؤه القصاص، وإذا طلبه أجيب كما صرح به في المحرر. (وإسقاطه) أي القصاص ولو مجانا، وهذا من إضافة المصدر إلى مفعوله إذ لا يتعلق بهذه الأشياء مال. ويصح استلحاقه النسب ونفيه باللعان.
أما خلع الزوجة والأجنبي المفلسين فلا ينفذ منهما في العين، وفي الذمة الخلاف في السلم، وفي نفوذ استيلاده خلاف، قيل:
يصح كالمريض، والراجح عدم النفوذ، قال شيخي: لأن حجر الفلس أقوى من حجر المريض بدليل أنه يتصرف في مرض الموت في ثلث ماله. وخرج بقيد الحياة ما يتعلق بما بعد الموت وهو التدبير والوصية فيصح، وخرج بقيد الانشاء الاقرار كما قال: (ولو أقر بعين أو دين وجب قبل الحجر) بمعاملة أو إتلاف أو نحو ذلك، (فالأظهر قبوله في حق الغرماء) كما لو ثبت بالبينة، وكإقرار المريض بدين يزاحم غرماء الصحة ولعدم التهمة الظاهرة، وعلى هذا لو طلب الغرماء تحليفه على ذلك لم يحلف على الأصح لأنه لو امتنع لم يفد امتناعه شيئا إذ لا يقبل رجوعه على الصحيح. والفرق بين الانشاء والاقرار أن مقصود الحجر منع التصرف فألغي إنشاؤه، والاقرار إخبار، والحجر لا يسلب العبارة عنه. ويثبت عليه الدين بنكوله عن الحلف مع حلف المدعي كإقراره، والثاني: لا يقبل إقراره في حقهم لئلا تضرهم المزاحمة ولأنه ربما واطأ المقر له. قال