إيكاله لمن يثق به من أهل العلم والمعرفة، فيكون قد أدى وظيفته بذلك وحمل الشخص الموكل إليه المسؤولية، فإن التعارف المذكور قد يكون قرينة على عموم وصايته للتفويض بالنحو المذكور.
وكذا الحال إذا توفي الشخص الذي يوكل إليه الأمر، فإنه لو كان وكيلا محضا على تفريغ ذمة الميت لزم بطلان وكالته بموته، فيلزم مراجعة دافع المال له، وصايا كان عن الميت أو متبرعا بتفريغ ذمته أو بدفع الخيرات عنه، إلا أن يفهم من دفع المال له تفويض الأمر إليه، بحيث له أن يوصي بتنفيذ ما كلف به، كما لعله كذلك في عصورنا، حيث تعارف تكدس الأموال عندما رجع الدين ونحوهم ممن يتصدى للأمور العامة من أهل العلم، وبنحو يتوقع موتهم قبل تهيؤ صرف الأموال في مصارفها، مع بناء الدافع على قطع علاقته بالمال عند دفعه، فإن ذلك قد يكون قرينة عامة على عموم التفويض للايصاء بالمال، وإن كان الأمر لا يخلو بعد عن الاشكال، فاللازم الاحتياط مهما أمكن.
(مسألة 16): تعارف في عصورنا أن يجعل الموصي ناظرا على الوصي، فإن رجع ذلك إلى الوصية إليهما معا بحيث يوكل إليهما معا أمر تنفيذ الوصية مع تقديم أحدهما على الآخر عند الاختلاف فالظاهر نفوذه، وإن رجع إلى قصر الوصاية على أحدهما بحيث يكون هو المتولي لتنفيذ الوصية، وليس للآخر إلا إعمال نظره ففي نفوذه إشكال، بل منع. نعم يمكن للموصي تكليف الوصي باستشارة شخص ما والعمل برأيه في تنفيذ الوصية، لكن لا يجب على الشخص المذكور إبداء نظره حينئذ.
هذا، ولو مات المستشار في هذا الفرض أو تعذر الرجوع إليه فإن استفيد من الأمر باستشارته مجرد الاهتمام بتكريمه استقل الوصي بالوصية، وإن استفيد منه الاهتمام برأيه توثقا لحسن التصرف وعدم الاكتفاء برأي الوصي فالأحوط وجوبا مراجعة الحاكم الشرعي، لتعيين من يقوم مقامه في ذلك، وكذا الحال مع التردد بين الوجهين. ويجري ذلك في صورة اشراكه في الوصية، على ما يظهر مما تقدم في المسألة (8).
(مسألة 17): إذا تضمنت الوصية أن للوصي أخذ أجرة المثل في مقابل