ولا يخفى فيه مواقع النظر، فإن المتعرضين للمسألة بين مصرح
ببطلان البيع - كالشيخ في المبسوط، والحلي في
السرائر، والعلامة في التذكرة، معللين ذلك بأنه لا
يجوز بيع ما لا قيمة له - وبين من صرح برجوع المشتري بتمام الثمن، الظاهر في
البطلان، فإن الرجوع بعين الثمن لا يعقل من دون
البطلان ويكفي في ذلك ما تقدم من الدروس: من أن ظاهر الجماعة
البطلان من أول الامر، واختياره قدس سره الانفساخ من حيث تبين الفساد فعلم أن لا قول بالصحة مع الأرش، بل ظاهر العلامة رحمه الله في التذكرة عدم هذا القول بين المسلمين، حيث إنه - بعد حكمه بفساد
البيع، معللا بوقوع العقد على ما لا قيمة له، وحكاية ذلك عن بعض الشافعية - قال: وقال بعضهم بفساد
البيع لا لهذه العلة، بل لان الرد ثبت على سبيل استدراك الظلامة، وكما يرجع بجزء من الثمن عند انتقاص جزء من
المبيع، كذلك يرجع بكل الثمن عند فوات كل
المبيع ويظهر فائدة الخلاف في أن القشور الباقية بمن تختص حتى يجب عليه تطهير الموضع عنها، انتهي (17)
____________________
(17) الأصفهاني: الظلامة والمظلمة بمعنى واحد تقريبا وهي ما للمظلوم عند الظالم، واستدراكها تداركها إما باسترجاع عين ما أخذه البائع من الثمن أو بأداء ما يماثله، فيسمي أرشا. وأما قياس الكل بالجزء ثم تفريغ اختصاص القشور بالمشتري تارة وبالبائع أخري ففاسد: أما أصل القياس، فإن الرجوع إلى جز من الثمن بعينه إنما يسلم إذا كان الثمن موزعا على المثمن وقابلا للتقسيط، وهو خارج عن المبحوث عنه. نعم الرجوع إلى المماثل من حيث فقد وصف الصحة في الجز والكل صحيح، إلا أن مرام القائل فساد البيع دون صحته وأخذ الأرش مستوعبا تارة وغيره مستوعب أخري. وأما فساد التفريغ فلان المفروض بطلان البيع فلا وجه لبقاء القشور على ملك المشتري، وقد مر سابقا أن انفساخ البيع من حيث المالية فقط غير معقول، إذ الانعقاد والانحلال بلحاظ وجود الارتباط الملكي وعدمه، ورجوع المال بما هو مال فرع عود إضافة الملكية. (ج 3 ص 385)