ويمكن توجيه كلامهم بإرادة التفقه الكامل ليطلع على مسائل الربا الدقيقة والمعاملات الفاسدة كذلك، ويطلع على موارد الشبهة والمعاملات الغير الواضحة الصحة فيجتنب عنها في العمل، فإن القدر الواجب هو معرفة المسائل العامة البلوي، لا الفروع الفقهية المذكورة في المعاملات ويشهد للغاية الأولى قوله عليه السلام في مقام تعليل وجوب التفقه:
إن الربا أخفي من دبيب النملة على الصفا، وللغاية الثانية قول الصادق عليه السلام في الرواية المتقدمة: من لم يتفقه ثم اتجر تورط في الشبهات، لكن ظاهر صدره الوجوب، فلاحظ وقد حكي توجيه كلامهم بما ذكرنا عن غير واحد ولا يخلو عن وجه في مقام التوجيه ثم إن التفقه في مسائل التجارة لما كان مطلوبا للتخلص عن المعاملات الفاسدة التي أهمها الربا - الجامعة بين أكل المال بالباطل وارتكاب الموبقة الكذائية - لم يعتبر فيه كونه عن اجتهاد، بل يكفي فيه التقليد الصحيح، فلا تعارض بين أدلة التفقه هنا، وأدلة تحصيل المعاش.
نعم، ربما أورد في هذا المقام - وإن كان خارجا عنه ج التعارض بين أدلة طلب مطلق العلم، الشامل لمعرفة مسائل العبادات وأنواع المعاملات المتوقف على الاجتهاد، وبين أدلة طلب الاكتساب والاشتغال في تحصيل المال لاجل الانفاق على من ينبغي أن ينفق عليه، وترك إلقاء كله على الناس الموجب لاستحقاق اللعن، فإن الاخبار من الطرفين كثيرة يكفي في طلب الاكتساب ما ورد: من أنه أوحي الله تعالي إلى داود على نبينا وآله وعليه السلام: يا داود إنك نعم العبد لولا أنك تأكل من بيت المال ولا تعمل بيدك شيئا فبكي عليه السلام أربعين صباحا " ثم الآن الله تعالي له الحديد، وكان يعمل كل يوم درعا ويبيعه بألف درهم، فعمل ثلاثمائة وستين درعا فباعها واستغني عن بيت المال الحديث