وأما الاخبار في طلب العلم وفضله فهي أكثر من أن تذكر، وأوضح من أن تحتاج إلى الذكر وذكر في الحدائق: أن الجمع بينهما بأحد وجهين:
أحدهما - وهو الأظهر بين علمائنا -: تخصيص أخبار وجوب طلب الرزق بأخبار وجوب طلب العلم، ويقال بوجوب ذلك على غير طالب العلم المشتغل بتحصيله واستفادته وتعليمه وإفادته قال: وبهذا الوجه صرح الشهيد الثاني رحمه الله في رسالته المسماة ب منية المريد في آداب المفيد والمستفيد حيث قال في جملة شرائط العلم: وأن يتوكل على الله ويفوض أمره إليه، ولا يعتمد على الأسباب فيوكل إليها وتكون وبالا عليه، ولا على أحد من خلق الله تعالي، بل يلقي مقاليد أمره إلى الله تعالي، يظهر له من نفحات قدسه ولحظات انسه ما به يحصل مطلوبه ويصلح به مراده.
وقد ورد في الحديث عن النبي صلي الله عليه وآله وسلم أن الله تعالي قد تكفل لطالب العلم برزقه عما ضمنه لغيره بمعنى: أن غيره يحتاج إلى السعي على الرزق حتى يحصل له، وطالب العلم لا يكلف بذلك بل بالطلب، وكفاه مؤونة الرزق إن أحسن النية، وأخلص القربة وعندي في ذلك من الوقائع ما لو جمعته بلغ ما لا يعلمه الا الله من حسن صنع الله تعالي وجميل معونته منذ ما اشتغلت بالعلم، وهو مبادئ عشر الثلاثين وتسعمائة إلى يومنا هذا، وهو منتصف شهر رمضان سنة ثلاث وخمسين وتسعمائة. (6)
____________________
(6) الإيرواني: لم افهم ما المراد من هذا الوجه فان الاشكال في أن الشخص في ابتداء الامر قبل دخوله تحت عنوان طالب العلم مكلف بالاشتغال بالعلم أو بالاشتغال بالكسب إذا لم يمكنه الجمع بينهما،