لأنه عاد حقه إليه زائدا، وإن اختارت إمساكه كان له عليها بدل صداق غير زائد.
وإن أصدقها شيئا بعينه فقبضته وخرج عن ملكه ببيع أو هبة أو غير ذلك ثم عاد إليها بحاله، ثم طلقها قبل الدخول بها، كان له أخذ نصفه بحاله، لأنه عين ماله.
إذا أصدقها نخلا حائلا فأثمرت في يده فالثمرة لها دونه، لأنه نماء في ملكها، فإن لم يسلمها إليها حتى أرطبت فجذها وشمسها فقبل أن يتناهى جفافها أخذها وقد بقي فيها رطوبة قليلة، فجعلها في براني أو ظروف غيرها وصب عليها صقرا من صقر نخلها، وهو سيلان الرطب ما لم تمسه النار، فإذا مسته النار فهو الرب، وهذه عادة أهل الحجاز في الثمار، يحفظونها كذلك في الأواني حتى تبقى رطوبتها.
فإذا فعل هذا، فهذا رجل غاصب لمالها وقد خلط بعضه ببعض ينظر فيه:
فإن لم تنقص الثمرة ولا الصقر وكانا بحالهما، أو زاد بذلك كان الكل لها، وإن نقصا أو أحدهما، فإن استقر النقص وتناهي نقصانه فلا ينقص بعد هذا، كان الكل لها، وتطالبه بأرش النقص، وإن لم يتناه نقصانه بل قيل: هذا ينقص فيما بعد، فهو كمن غصب طعاما قبله ولم يتناه نقصانه، قال قوم: فهو كالمستهلك، وقال قوم: يأخذه مالكه، وكلما نقص رجع عليه بما نقص، وهذا أقوى.
وأما إن صب عليها صقرا من صقر نخله دون نخلها، فهو كالغاصب فهاهنا لا تعتبر زيادة الصقر ونقصانه وإنما تعتبر ثمرتها، فإن لم تزد ولم تنقص أخذتها، وإن نقصت نقصا مستقرا أخذتها وطالبت بأرش النقص، وإن لم يكن مستقرا ففيها قولان على ما مضى، هذا إذا كان النخل حائلا.
فأما إن أصدقها نخلا حاملا فيه طلع غير مؤبر فتبع النخل أو طلع مؤبر فأصدقها النخل وثمرتها معا فالنخل والثمرة جعلا لها صداقا، فإذا جذها فيما بعد وشمسها وجعل عليها الصقر، فعلى ما مضى، إلا أنهما متى نقصا أو أحدهما الباب واحد.