كان الاعتبار بالأبعاض من اللسان لكان عليه ربع الدية لأنه ما قطع ههنا سوى ربع اللسان فليلحظ ذلك، وقد رجع شيخنا في موضع آخر من مبسوطه فقال: فأما اللسان فالاعتبار عندنا بالحروف لا غير، فأما في نهايته فوافق لما اخترناه، فأما ما ذكره أولا فمذهب المخالفين وتعليلاتهم وقياساتهم.
إذا قطع لسان صبي فإن كان قد بلغ حدا ينطق بكلمة بعد كلمة مثل قوله: بابا وماما ونحوه، فقد علم أنه لسان ناطق فإن قطعه قاطع فعليه الدية الكاملة كلها كلسان الكبير الناطق، وإن كان طفلا لا نطق له بحال كمن له شهر وشهران وكان يحرك لسانه لبكاء أو لغيره مما يعبر باللسان ففيه الدية لأن الظاهر أنه لسان ناطق فإن أماراته لا تخفى، فإن بلغ حدا ينطق فلم ينطق فقطع لسانه فهو كلسان الأخرس وعندنا في لسان الأخرس ثلث دية اللسان الصحيح " اللسان يذكر ويؤنث " فإن قطع بعض لسان الأخرس اعتبر بالمساحة وأخذ على حسابه لأنه لا كلام له فيعتبر به بل الاعتبار فيه بمقاديره فهذا فرق ما بين لسان الصحيح ولسان الأخرس.
وفي الأسنان كلها الدية كاملة، والتي تقسم عليها الدية ثمانية وعشرون سنا:
ستة عشر منها في مآخير الفم واثنتا عشرة في مقاديمه، فالتي هي في مآخير الفم لكل سن منها خمسة وعشرون دينارا فذلك أربع مائة دينار، والتي في مقاديم الفم لكل سن منها خمسون دينارا فذلك ستمائة دينار الجميع ألف دينار وما زاد على ما ذكرناه في العدد فليس له دية مخصوصة بل فيه حكومة بأن تقوم أن لو كان عبدا ويعطي بحساب ذلك من دية الحر على ما بيناه وهو مذهب شيخنا المفيد.
وذهب شيخنا أبو جعفر في نهايته إلى: أن ما زاد على ما ذكرناه في العدد فليس له دية مخصوصة إلا إذا قلعت مفردة فإن قلع السن الزائد مفردا كان فيه ثلث دية السن الأصلي، وهذا المذهب قوي وبه أخبار كثيرة معتمدة.
وفي السن الأسود ثلث دية السن الصحيحة، وروي: ربع دية السن الصحيح.
وإذا ضربت السن فلم تسقط لكنها اسودت أو انصدعت ففيها ثلثا دية سقوطها،