وامتنع الراهن منه لم يجبر عليه لأنه قد يبرأ من غير دواء، وإن أراد المرتهن أن يداويه لم يجز للراهن منعه من ذلك إذا لم يكن من الأدوية المخوفة التي يخالطها السموم ويخشى عاقبتها، وإن كانت المداواة بالفصد أو ما يجري مجراه من فتح العروق فإن ذلك جائز للراهن والمرتهن، من أراده منهما لم يكن للآخر منعه عنه، إذا أشاره الثقات من أهل الصنعة بفعله وأنه لا يخاف منه وأنه متى لم يفصد لم يؤمن التلف أو حدوث مرض يخشى عاقبته، فإن ذكر أهل الصنعة أنه ينفع وربما أدى إلى ضرر وخشي منه التلف، كان للمرتهن منع الراهن منه.
فإن كان به أصبع زائدة أو سلعة لم يكن للراهن قطعها لأن تركها لا يضر وقطعها يخشى منه، فإن كانت قطعة لحم ميتة يخشى من تركها ولا يخاف من قطعها جاز قطعها من كل واحد منهما ولم يكن لأحدهما منع الآخر من ذلك، وإن كان الرهن شيئا من الدواب وعرض له ما يحتاج إلى علاج البياطرة من توديج وتبزيغ وتعريب وأشار أهل هذه الصنعة بذلك جاز لكل واحد منهما فعله، ولم يجز لواحد منهما منع الآخر من ذلك.
وإن كان الرهن نخلا فاطلعت النخلة وأراد الراهن تأبيرها، لم يكن للمرتهن منعه من ذلك لأن فيه مصلحة لماله ولا مضرة للمرتهن، وما يحصل من النخل من كرب يابس وليف وعرجون فهو للراهن دون المرتهن لأن الرهن لم يتناول ذلك.
وإذا رهن اثنان عند غيرهما عبدا بمائة له عليهما وسلماه إلى المرتهن جرى ذلك مجرى عقدين، فإن أفتك أحدهما نصيبه صح ذلك في نصيبه ولم يكن له مطالبة المرتهن بالقسمة لأن القسمة للشريك المالك، فإن قاسمه المرتهن بإذن الراهن الآخر كانت القسمة صحيحة، فإن كان ذلك بغير إذن الراهن لم يصح، وإذا كان الراهن للعبد واحدا والمرتهن اثنين صح الرهن وجرى مجرى عقدين، وكان نصف العبد رهنا عند أحدهما بحصته من الدين والنصف الآخر عند الآخر بحصته أيضا من الدين، فإذا قضى لواحد منهما ما عليه أو أبرأه هو منه خرج منه نصفه من الرهن.
وإذا رهن انسان عند اثنين عبدا وادعى كل منهما أن رهنه وقبضه كان قبل صاحبه