تسليمه وإعطائه لا وقت محاسبته ولا يلزمه رد مثله إن كان له مثل، ولو كان أعطاه إياه قرضا، لا عن دين له وجب عليه رد مثله إن كان له مثل وقت مطالبته به بخلاف ذلك، فأما إذا لم يكن له مثل وكان يضمن بالقيمة لا بالمثلية فإنه يرد قيمته وقت إعطائه وتسليمه دون وقت مطالبته ومحاسبته في المسألتين معا فليتأمل ذلك.
باب قضاء الدين عن الميت:
يجب أن يقضى الدين عن الميت من أصل التركة وهو أول ما يبدأ به بعد الكفن المفروض ثم يليه الوصية ثم الميراث بعد ذلك أجمع، فإن أقيم بينة على ميت بمال وكانت عادلة وجب معها على من أقامها اليمين بالله أن له ذلك المال حقا ولم يكن الميت قد خرج إليه منه، فإذا حلف كان له ما أقام عليه البينة وحلف عليه، فإن امتنع عن اليمين انصرف ولم يكن له في ظاهر الحكم شئ ولم تنفعه بينته ولم يلزم الورثة اليمين لأنه ما ادعى عليهم شيئا، فإن ادعى عليهم العلم بذلك لزمهم أن يحلفوا أنهم لا يعلمون أن له حقا على ميتهم، فإن لم يكن للمدعي على الميت إلا شاهد واحد وكان عدلا، لزم المدعي أيضا اليمين معه لأن الشاهد واليمين عندنا في المال جائز ولا يلزمه يمين أخرى لأن يمينه تأتي على أن له ذلك المال حقا، وليس لنا على عين واحدة وحكم واحد من حالف واحد يمينان، والأصل براءة الذمة، وقد يشتبه هذا الحكم على كثير من أصحابنا وحتى سمعت جماعة يسألون عنه.
ومتى لم يخلف الميت شيئا لم يلزم الورثة قضاء الدين عنه بحال، فإن تبرع منهم انسان بالقضاء عنه كان له بذلك الأجر والثواب إن كان المقضى عنه معتقدا للحق، ويجوز أن يكون ذلك القضاء مما يحتسب به من مال الزكاة إذا كان قد أنفقه في الطاعات أو المباحات على ما شرحناه فيما مضى سواء كان الميت ممن يجبر القاضي للدين على نفقته أو ممن لا يجبر.
ومتى أقر بعض الورثة بالدين لزمه في حصته بمقدار ما يصيبه من أصل التركة على ما رواه بعض أصحابنا، فإن شهد نفسان منهم وكانا عدلين مرضيين أجيزت شهادتهما