أو لا أقل من عدم المفسدة فإن الله لا يحب الفساد، ووجه ذلك أن الأول ليس تصرفا في مال الغير حيث إن الإرث بعد الوصية بخلاف الثاني، غاية ما في الباب في خصوص مال الصغار بمقتضى الروايتين مع تمامية دلالتهما نقول بصحة الوصية وإطلاقهما لصورة كون الربح المجعول للعامل أكثر من أجرة المثل معارض بما دل على عدم جواز ما فيه الفساد، وفي هذه الصورة أعني الوصاية بالمضاربة بمال الصغير ليس مخالفة لقاعدة السلطنة لأن الصغير محجور والولاية للأب والجد، ولم يظهر لما ذكر من عموم تسلط الناس وجه لتصحيح ما ذكر في المقام فإن الموصي في حال حياته غير حال مرض الموت مسلط على أمواله يتصرف كيف شاء وفي مرض الموت كذلك إن قلنا بأن المنجزات يخرج من الأصل وإن قلنا بخروجها من الثلث فحالها حال الوصية، لكن لا سلطنة على مال الغير وفي المقام يراد إثباتها على مال الغير أعني الورثة الكبار.
ولو أوصى بواجب وغيره يجب خروج الواجب المالي سواء كان مشوبا بالبدني كالحج أو لم يكن مشوبا كالزكاة والكفارات من أصل المال أوصى به أو لم يوص بلا خلاف ظاهرا والأخبار بوجوب إخراج الواجب المالي من الأصل متكاثرة ذكرت في كتاب الحج والزكاة والخمس وكتاب الديون.
فمنها ما رواه الشيخ بإسناده، عن موسى بن القاسم، عن صفوان، عن معاوية ابن عمار قال: " سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل مات فأوصى أن يحج عنه قال: إن كان صرورة فمن جميع المال وإن كان تطوعا فمن ثلثه ". (1) ومنها ما روى محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام " في رجل توفي وأوصى أيحج عنه قال: إن كان صرورة فمن جميع المال إنه بمنزلة الدين الواجب وإن كان قد حج فمن ثلثه، ومن مات ولم يحج حجة الاسلام ولم يترك إلا قدر نفقة الحمولة وله ورثة فهم أحق بما ترك، فإن شاؤوا أكلوا وإن شاؤوا حجوا عنه ". (2)