البأس بإذن الأب وهو حي، وهذا التعبير أنسب بالولاية الشرعية بالنسبة إلى الصغير فكأنه أوصى وأذن في المضاربة بمال الصغير وربما يظهر منه أن الإذن في ماله الفعلي قبل موت الأب لا الوصية بالمضاربة بما يصير مالا له بعد الموت، ونوقش في سند الرواية الثانية من جهة أن خالد بن بكير المذكور مجهول الحال ودفعت المناقشة في السند بأن في السند ابن أبي عمير وهو ممن أجمع على تصحيح ما يصح عنه فلا يضر جهالة من بعده، ثم إنه حكي عن جماعة صحة الوصية بالمضاربة من غير فرق بين مال الصغار والكبار وبين أن يكون الربح المجهول للعامل بقدر أجرة المثل أو أزيد بقدر الثلث أو أزيد، ووجه باطلاق ما دل على تنفيذ الوصية المقيد بالثلث إذا كانت مفوتة للمال على الوارث أو بالأعم من ذلك ومما فيه ضرر عليه أما إذا لم يكن كذلك بل كانت الوصية تصرفا في المال على وجه لا تفويت فيه للمال على الوارث ولا ضرر فيه عليه فليس في الأدلة ما يدل على تخصيص العمومات المعتضدة بظاهر قوله تعالى " فمن بدله بعدما سمعه " وعموم تسلط الناس و معلومية كون الوصية بعد الموت كالتنجيز في حال المرض بالنسبة إلى الممنوع منها و الجائز، بل الدليل فيهما متحد ولا ريب في صحة المضاربة بأزيد من الثلث في حال المرض ولو بحصة قليلة من الربح كما لا ريب في صحة بيع التركة بثمن المثل حال المرض.
ويمكن أن يقال: أما الخبران فلا إطلاق فيهما بالنسبة إلى أموال الكبار فإن رواية محمد بن مسلم السؤال فيها عن رجل أوصى إلى رجل بولده وهذا التعبير مناسب لجعله قيما على الصغار، ثم التعليل بالإذن لا يناسب بالنسبة إلى الكبار، وأما الرواية الثانية فمورد السؤال فيها الصغار، وأما بالنظر إلى عمومات الوصية فمع تخصيصها بكون الموصى به مما يرضى به الله يشكل التمسك بها فإن منع المالك عن التصرف في ملكه وتضرر المالك كيف يجوزان، وفرق واضح بين الوصية بالثلث بأن يصرف في الأمور الواجبة المربوطة بالموصي وفي المستحبات المربوطة به وبين المداخلة في أموال الغير بنحو يكون ممنوعا من التصرفات أو يكون متضررا حيث إن المضاربة وإن كانت من العقود الجائزة لكن لازم صحة الوصية بها لزومها وتصرف الولي في مال المولى عليه منوط بالمصلحة