النسخ ويكون الثاني كالوارد على الأول فينسخه كالدليل الوارد على الأصل.
ويمكن أن يقال: ما ذكر من أن بيع نصف الدار مثلا لا يقيد بنصفه المختص بل هو باق باطلاقه، ولكن لما صادف محلا قابلا للنفوذ وقع البيع على نصفه المستحق دون نصف الشريك لا من جهة قصده بل بحكم الشرع، لا نسلمه بل بملاحظة أن البايع يريد وقوع البيع بنحو يترتب عليه الأثر بلا توقع أمر آخر من إجازة الشريك يقع البيع بحسب القصد على نصفه المملوك له من جهة الانصراف فإن إطلاق كل من الفعل والمتعلق قد يقيد بالآخر، ولذا يقال: إذا قال: لا تضرب أحدا إن إطلاق أحد يقيد بظهور الضرب في المولم فيتعلق بمن يتألم دون غيره فيصح ما في كلام المحقق من أن الأصل في الوصية أن تكون نافذة فنفوذ الثانية يكون إذا كان متعلقها الثلث الذي يصح للموصي أن يوصى به فيتحقق التضاد خصوصا إذا كان الموصي قاطعا بعدم إجازة الورثة للتالي فيه فيدور الأمر بين كون الوصية لغوا محضا أو يكون ناسخة للأولى ولقائل أن يقول: إن كان قابلية المحل ملحوظة فيقع العقد أو الوصية على المحل القابل فبعد الوصية الأولى بالنسبة إلى الثلث المطلق ما المانع في تعلق الوصية الثانية بالثلث المطلق وهو قابل لنفوذ الوصية الثانية فيه بنسخ الوصية الأولى كما تقولون في صورة التضاد، وكيف يقال: بأن التقييد ليس بحسب القصد بل بحكم الشرع، والحال أن حكم الشرع المقدس إمضاء لما قصد.
وأما صورة الجمع وعدم الترتيب فالمعروف فيها الأخذ بالوصية بالنسبة إلى المجموع والتوزيع من جهة النقص، ويمكن استفادته مما رواه الصدوق باسناده عن محمد بن أبي عمير، عن معاوية بن عمار قال: أوصت إلي امرأة من أهل بيتي بثلث مالها و أمرت أن يعتق عنها ويحج ويتصدق فلم يبلغ ذلك، فسألت أبا حنيفة فقال: يجعل ذلك أثلاثا ثلثا في الحج وثلثا في العتق وثلثا في الصدقة، فدخلت على أبي عبد الله عليه السلام فقلت له: إن امرأة من أهلي ماتت وأوصت إلي بثلث مالها وأمرت أن يعتق عنها ويحج ويتصدق فنظرت فيه فلم يبلغ؟ فقال: ابدء بالحج فإنه فريضة من فرائض الله عز وجل واجعل ما بقي طائفة في العتق وطائفة في الصدقة، فأخبرت أبا حنيفة