أنه لا شبهة في وجوب الجمعة في الجملة بل هو من الضروريات وإنما الكلام في أنه هل يعتبر فيها الإمام أو المنصوب من قبله كما يعتبر سائر الشروط أم لا وهذه الأخبار كغيرها أما لم تكن متعرضة لهذه أو تكون مطلقة وعلى فرض الاطلاق يقيد بما دل على الاشتراط والشاهد أن كثيرا منها صادرة في عصر لم يكن الأئمة عليهم الصلاة والسلام متصدين للأمور وكان المخالفون لهم هم المقيمون لصلاة الجمعة فإن كان الترغيب والتحريص بالصلاة معهم فهو مناف لاشتراط الايمان والعدالة في الإمام وإن كان بإقامتهم بينهم فكيف يمكن هذا مع قلتهم وخوفهم من السلطان ومخالفتهم فلعل النظر في أمثال هذه الأخبار إلى لزوم صلاة الجمعة على كل أحد بأن يرجعوا إلى المعصومين صلوات الله عليهم الجمعين كلزوم الرجوع إليهم في جميع الأمور الدينية كتعلم الأحكام منهم والتحاكم إليهم وإن كان التكليف ساقطا مع اعراض الجمهور عن الحق ومقهورية من شذ وندر من المؤمنين وإن كان النظر إلى خصوص الشيعة فلا بد من تقييدها بصورة عدم الخوف والتقية فليقيد بحضور الإمام عليه السلام وتصديه للأمور. ثم بعد الفراغ عن عدم الوجوب العيني مع عدم التمكن من إقامتها مع الإمام عليه السلام أو المنصوب من قبله فهل تكون واجبة بالوجوب التخييري بحيث كان للمؤمنين إقامتها بينهم وتسقط صلاة الظهر مع الاتيان وإن كانت فاقدة لهذا الشرط أم لا؟ قد يقرب الأول بملاحظة بعض الأخبار كخبر الفضل بن عبد الملك قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول (إذا كان قوم في قرية صلوا الجمعة أربع ركعات فإن كان لهم من يخطب لهم جمعوا إذا كانوا خمسة نفر وإنما جعلت ركعتين لمكان الخطبتين) (1) حيث إن صدر هذه الرواية يدل على أن الساكنين في قرية من القرى يجب عليهم في يوم الجمعة صلاة الظهر أربع ركعات ووجه التقييد بكونهم في قرية مع أن الأحكام لا تختص بأهل الأمصار هو أن القرى ليس فيها السلطان أو نائبه بحيث يسوقهم إلى الاجتماع للجمعة ولكن إقامة الجمعة باختيارهم مع إمام منهم كانت راجحة كما يدل عليه بعض الأخبار
(٥٢٢)