والحضر والمضادة لا تقتضي الحرمة، وعلى فرض الحرمة فإن قلنا بانصراف الأدلة إلى خروج المسافر الغير المحرم الموجب للقصر فيلزم من الحرمة عدم الحرمة و استدل أيضا ببعض الروايات الناهية عن السفر يوم الجمعة مثل النبوي (من سافر من دار إقامته يوم الجمعة دعت عليه الملائكة لا يصحب في سفره ولا يعان على حاجته) (1) والمروي في نهج البلاغة (2) (ولا تسافر في يوم جمعه حتى تشهد الصلاة إلا فاصلا في سبيل الله (3) أو في أمر تعذر به) واستدل بصحيحة أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(إذا أردت الشخوص في يوم عيد فانفجر الصبح وأنت بالبلد فلا تخرج حتى تشهد ذلك العيد) (4) بدعوى أولوية حرمة بعد الزوال يوم الجمعة منها بعد الفجر في العيد. واستشكل في الجميع أما الاستدلال بالروايتين فمن جهة أنه بعد تسليم السند ليس تخصيصهما بما بعد الزوال أولى من الحمل على الكراهة، وأما خبر أبي بصير فعلى فرض الالتزام بظاهره فهو حكم تعبدي مخصوص بمورده، وإلحاق الجمعة به قياس لا نقول به فالعمدة عدم الخلاف، والاجماع إن تم ولم يناقش فيه باحتمال كون نظر القائلين بالحرمة إلى الجهة العقلية المذكورة ومعه لا يستكشف رضا المعصوم صلوات الله عليه، وأما الكراهة بعد طلوع الفجر فيدل عليها رواية السري عن أبي الحسن علي بن محمد عليهما السلام قال: (يكره السفر والسعي في الحوائج يوم الجمعة بكرة من أجل الصلاة، فأما بعد الصلاة فجائز يتبرك به) (5) وعن مصباح الكفعمي عن الرضا عليه السلام قال: (ما يؤمن من سافر يوم الجمعة قبل الصلاة أن لا يحفظه الله في سفره ولا يخلفه في أهله ولا يرزقه من فضله) (6) ويحتمل أن يكون المراد من هذه الرواية كراهة السفر يوم الجمعة قبل الصلاة ولو لم يكن مؤديا لصلاة الجمعة.