مقتضى القاعدة تعين الايتمام للتمكن من حفظ المصلحة التامة اللازمة مراعاتها فلا يعدل عنها إلى ما فيه المصلحة الناقصة الذي شرع في حال اضطرار وإن شئت قلت:
لا اضطرار مع ذلك نعم ربما يظهر من مثل رواية مسعدة بن صدقة المتقدمة آنفا عدم لزوم الايتمام لأن الحمل على صورة عدم التمكن من الايتمام في غاية البعد وهذا نظير ما دل على جواز طلاق الأخرس بالإشارة حيث إن حمله على صورة عدم التمكن من التوكيل في غاية البعد، لكن التعدي إلى غير العاجز أصلا كالأخرس ونحوه مشكل وقد يقرب التعدي بأن سقوط القراءة عن المأموم من الأحكام الثانوية اللاحقة للصلاة عند اختيار الايتمام فالواجب على المكلف إنما هو فعل الصلاة التي اعتبر فيها فاتحة الكتاب لدى الامكان ومع العجز عنها بدلها ولكنه لو اختار الايتمام يسقط عنه التكليف بقراءة الفاتحة وفيه نظر لأن الظاهر أن الفاتحة لم تسقط بواسطة الايتمام والإمام ضامن ثانيا بعد تمكن المكلف من الصلاة التامة كيف يعدل إلى الناقصة وإن شئت لاحظ طريقة العقلاء في مقاصدهم ولعل الترخيص المستفاد من مثل رواية مسعدة بن صدقة المتقدمة كان بملاحظة دفع الحرج النوعي فلا مجال للتعدي، وأما لزوم قراءة غير الفاتحة مع عدم التمكن من الفاتحة ومع عدم التمكن من غير الفاتحة وجوب التحميد والتهليل والتكبير فالظاهر عدم الخلاف فيه بالترتيب المذكور وإن كان يظهر من الشرايع التخيير ويشهد له النبوي (إذا قمت إلى الصلاة فإن كان معك قرآن فاقرأ به، وإلا فاحمد الله وهلله وكبره) (1) وضعفه مجبور بظهور استناد الخاصة إليه والخبر المروى عن علل الفضل بن شاذان عن الرضا عليه السلام أنه قال: (إنما أمر الناس بالقراءة في الصلاة لئلا يكون القرآن مهجورا مضيعا وليكون محفوظا مدروسا فلا يضمحل ولا يجهل وإنما بدء بالحمد في كل قراءة دون سائر السور لأنه ليس شئ من القرآن والكلام جمع فيه من جوامع الخير والحكمة ما جمع في سورة الحمد وذلك أن قوله عز وجل الحمد لله إنما هو أداء لما أوجب الله عز وجل على خلقه من الشكر - الحديث) (2) ولولا الشهرة وعدم الخلاف لأشكل الاستدلال بما ذكر