والمنهج القرآني يدعم هذا القول وينتصر له، لأنه كان يعرض أقوال الكفار والمشركين من أهل الكتاب وغيرهم، ثم بعد ذلك يرد عليها بالنقد والتفنيد، ولم نسمع أن أحدهم جاء للرسول مدعيا أن ما جاء في القرآن، يخالف ما هم عليه. والقرآن يعرض لأقوالهم كما هي مهما كانت مخالفة للحقيقة أو الذوق السليم، ثم بعد ذلك يرد عليها. " قالوا اتخذ الله ولدا "؟ " إن الله فقير ونحن أغنياء " " وقالت اليهود يد الله مغلولة " إلى غير ذلك من الأمثلة.
وعلى السلفيين اليوم أن يتبعوا منهج القرآن، عليهم أن يعرضوا أقوال وعقائد خصومهم الشيعة الإمامية. وأن يستقوها من مصادرهم المعتمدة والمتفق عليها بين خاصهم وعامهم، ثم بعد ذلك فليشمروا ساعدهم ولينقضوا عليها طعنا وتجريحا. ونحن لا نعتقد أنهم سيفعلون لأن ذلك سبيل إلى انفضاح كذبهم وتقولاتهم؟!. أما نحن فلم نغفل هذا المنهج القرآني، لقد حرصنا على الاستدلال بنصوص أخذناها من مصادرهم التي أعلنوا أنها معتمدهم، ووثقنا ذلك بمراجعه ليرجع إليه عند التحقيق، حتى لا يقال هذا محض افتراء وكذب، لأن من تعوذ الكذب قد يرى الناس كذلك.
إن الصراع المذهبي بين الشيعة وأهل السنة ظل منحصرا في الردود المكتوبة وداخل المدارس، إلا ما كان من حرب السلطان لثوار الشيعة الذين رفعوا السلاح، أو العناصر التي كانت تشكل خطرا دائما ولو بدون سلاح كالأئمة. لكن هذا الصراع لم تكن له تداعيات اجتماعية خطيرة إلا قليلا، وفي فترات تاريخية محددة.
لكن الصراع بين الشيعة الإمامية والسلفية لم يكن كذلك. لأنه وكما يظهر من وقائع التاريخ إن الحنابلة " السلفية " بعد ما استوى مذهبهم وكمل بناؤه. أخذوا على أنفسهم أن يحاربوا مناوئيهم، من الشيعة وغيرهم، ليس باللسان أو القلم ولكن باليد. وقد بسطنا القول في " أسلوب الدعوة " وكيف مارس الحنابلة دعوتهم لعقائدهم، وتعرضنا لذكر الفتن الدامية التي كانوا