الأعداء الجدد للنظام الحاكم.
كانت حرب معاوية للشيعة من أجل القضاء على فكرة الإمامة واستئصالها من التفكير الاجتماعي العام، لأنها تشكل خطرا على ما كان يسعى له من تأسيس ملك إمبراطوري. أما العباسيون فقد انطلقوا من فكرة الإمامة وأحقية بني هاشم في الحكم والخلافة. لكنهم انتكصوا في ظروف يشرحها التاريخ، وانقلبوا على أبناء عمومتهم، وانفردوا بالملك. وأصبح الجامع بين الأمويين والعباسيين هو الخوف من وصول أئمة أهل البيت للحكم، لأن وصولهم يقطع الطريق نهائيا على الأسرتين القرشيتين.
فالإمامة عند أهل البيت لا تكون بالاختيار أو المؤامرات والدسائس الأسروية والقبلية، وإنما بالنص والتعيين. لقد نص الرسول على علي بن أبي طالب وقال (ص) " الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا "، ونص الحسين على إمامة ابنه زين العابدين، الذي خلفه ابنه الباقر وهكذا إلى الإمام الثاني عشر.
وبنو أمية كانوا على علم بذلك وكذا بنو العباس. لذلك فقد شكل وجود هؤلاء الأئمة تحديا دائما لملوك الأسرتين.
فوجود الأئمة تشكيك في شرعية حكمهم، خصوصا وفئات من الناس تؤمن بذلك وتعتقده، وترفض الحكم القائم. وهذا الوجود الشخصي للأئمة جعل من الجرح لا يندمل أبدا، عمقت شرخه الثورات المتتالية للشيعة، وإن كان الأئمة لم يشاركوا فيها مباشرة.
لقد ضاق العباسيون - وقبلهم بنو أمية - من وجود الأئمة درعا، فراموا قتلهم بكل وسيلة، وإذا تجرأ بنو أمية فقتلوا بحد السيف بعض الأئمة، فإن بني العباس قد استخدموا وسائل أخرى، منها السجن مدى الحياة لبعض الأئمة ودس السم لهم بعد ذلك. والنتيجة أن الشيعة وأئمتهم قد عانوا الأمرين خلال الحكم العباسي كذلك، حتى قال: قائلهم يا ليت ظلم بني أمية دام لنا * وعدل بني العباس في النار