العامة، وجماعة من الأتراك فهرب منهم فدخل دارا، فأخرجوه مسجونا (لعل الظاهر: مسحوبا) فقتلوه، وحرقوه، فركب الوزير أبو الفضل الشيرازي - وكان شديد التعصب للسنة - وبعث حاجبه إلى أهل الكرخ، (مكان الشيعة) فألقى في دورهم النار، فاحترقت طائفة كثيرة من الدور والأموال من ذلك ثلاث مائة دكان، وثلاثة وثلاثون مسجدا، وسبعة عشر ألف إنسان "، وعند ابن خلدون عشرون ألف إنسان (13).
أنظر لهذه الهمجية اللاإنسانية واللادينية، لم يكتف هؤلاء الحنابلة أتباع السلف من قتل من قتل، هذا إن كان فعلا قد قتله عمدا، والقصاص الإسلامي يقضي بقتل القاتل. فما بال عشرين ألف قتيل؟! ما ذنب هؤلاء؟
لا بد أن هناك أطفالا ونساء وشيوخا طاعنين في السن ومرضى!! لم قتل هؤلاء؟! وأي شرح يبيح ذلك ويشرعه؟! اللهم إلا قانون الحقد الأعمى والجهل المركب؟! تدعمه سياسة البغض، التي سنها بنو أمية، وعمل بها الملوك بعدهم.
مثال آخر لإهدار الدم الشيعي المسلم، فقد ذكر ابن الأثير في حوادث سنة 363 ه يقول: " ثارت العامة من أهل السنة ينصرون سبكتكين، لأنه كان يتسنن، فخلع عليهم وجعل لهم العرفاء، والقواد، فثاروا بالشيعة، وحاربوهم، وسفكت بينهم الدماء، وأحرقت الكرخ حريقا ثانيا، وظهرت السنة عليهم (14). والسنة أو عامة السنة هنا هم حشوية الحنابلة الذين تعضدهم السياسة الغاشمة وتشجعهم على إثارة الفتن وقتل الأبرياء.
إن ما يسترعي الانتباه فعلا هو ما كان يفعله حشوية الحنابلة أثناء هذا الصراع، لأنه يعتبر أحد المفاتيح لحل لغز هذه الفتن وخلفياتها. يقول ابن كثير