فهو الظلم وسحق الإنسانية. ونحن لا نقول ذلك، انطلاقا من تاريخ الشيعة، لأن الظلم لم يقتصر عليهم، وإن كان نصيبهم أو فر، بل شمل قطاعات واسعة من المجتمع الإسلامي، بل لا نكون مجانبين للحقيقة إذا قلنا بأن المجتمعات التي دخلها المسلمون فاتحين على عهد الخلافة، قد نالت قسطها من الظلم العربي، إن صح التعبير. لأنه لا يمكن أن ينسب للإسلام ظلم.
طبعا سيطلع علينا فقهاء المدارس السلطانية ووعاظ الملوك - وخصوصا الحنابلة والسلفيين منهم - بأن معاوية قد قتل الصحابة متأولا. وأن ملوك بني أمية أهلكوا الحرث والنسل وعبثوا بالأرواح والأعراض متأولين. وأن ملوك بني العباس فعلوا ذلك متأولين، وهم فوق ذلك مأجورون؟، لأن الحاكم إذا اجتهد فأصاب فله أجرين وإذا أخطأ فله أجر واحد؟.
أقول لو صح ذلك فإن كارل ماركس كان محقا ومصيبا عندما أعلن بأن " الدين أفيون الشعوب "؟!.
إن هذا التراث الذي سيستفيد منه دعاة السلفية في شن حربهم الشعواء على الشيعة الآن وقبل ذلك، لم يكن متراص الجوانب، قويا، يستطيع فعلا أن يسدد الضربات المؤلمة لمذهب الشيعة الإمامية الأصولي والفقهي. والسبب في ذلك يرجع إلى احتوائه على تناقضات كثيرة، فأحاديث الإمامة وفضل علي وأهل بيته، تملأ صفحات كثيرة من هذا التراث. أما المسائل الفقهية التي وقع الاختلاف حولها بين السلفية وأهل السنة من جهة، والشيعة الإمامية من جهة أخرى، فإن مصادر السلفية وأهل السنة بشكل عام، تزخر بالأدلة حول هذه القضايا الفقهية.
وبالجملة فليس هناك عقيدة أو فكرة يدعو لها الشيعة الإمامية إلا ولها مستند قوي، ليس في القرآن وما صح من السنة لديهم، بل ما صح من السنة لدى خصومهم. لذلك ترى المتشيعين من أبناء السلفية أو أهل السنة اليوم، لا يرجعون في الاستدلال على عقائد الشيعة التي اعتنقوها إلى مصادر الشيعة