الحقيقة أن هذا النص يلقي بعض الضوء على ما ألمحنا إليه سابقا من أن معاوية بن أبي سفيان كان قد أمر الأعراب من الرواة باختلاق روايات تخالف كل ما كان علي بن أبي طالب يفعله أو يقوله أو يتصف به. فعلي عليه السلام كان يقرأ البسملة في بداية الصلاة ويجهر بها. فجاءت الأحاديث لتلغي البسملة من الصلاة نهائيا وتعتبرها بدعة، وأصبحت اختيارا مذهبيا مميزا. وهنا في هذا النص يقول ابن الأثير إن المنتسبين للسنة " حشوية الحنابلة " ادعوا إن في مثل يوم عيد الغدير، حصر النبي (ص) وأبو بكر في الغار. وجعلوا ذلك يوم احتفال لهم. ولا شك أن التاريخ سجل ذلك، ولا شك أن بعض أحاديث قد قيلت ورويت عن الرسول وصحابته لإثبات ذلك. وهكذا فإن هذا الصراع الحنبلي الشيعي سينجم عنه تحريف واسع النطاق لتاريخ الإسلام وعقائده؟!.
فكل عقيدة أو رأي أو عادة للشيعة سيوضع لها مقابلها المزيف؟ إن يوم عاشوراء هو يوم مقتل الحسين بن علي على يد يزيد الأموي وهذه حقيقة تاريخية مجمع عليها، ويوم غدير خم، حادثة تاريخية مجمع على وقوعها وإن اختلف في تفسيرها. وعليه فإن الشيعة كانوا يعتمدون التاريخ الحقيقي، ويحتفلون بوقائع مسطورة ومجمع على صحتها ووجودها. لكن الحنابلة لما، أعيتهم الحيلة، ولم يستطيعوا القضاء على هذه الحقائق وعلى المؤمنين بها، التجأوا إلى الاختلاق ووضع وقائع وتواريخ مزيفة لا وجود لها لا في التاريخ ولا في الواقع؟!.
وفي هذا السياق نفسه يقول ابن كثير، حوادث سنة 389 ه " ولما كانت الشيعة يصنعون في يوم عاشوراء مأتما، يظهرون فيه الحزن على الحسين بن علي، قابلتهم طائفة أخرى من جهلة السنة. فادعوا إن في اليوم الثاني عشر من المحرم قتل مصعب بن الزبير، فعملوا له مأتما، كما تعمل الشيعة للحسين، وزاروا قبره، كما يزار قبر الحسين، وهذا من باب مقابلة البدعة ببدعة مثلها.