وعمقت شرخ الاختلاف بينهم.
أما بني أمية الذين استفادوا كثيرا من خلافة عثمان، فقد شعروا بأنهم على وشك أن يخسروا كل شئ. لقد قتل عثمان لأنه وزع أموال المسلمين على بني أمية، والآن جاء الوقت لاسترجاعها منهم. والاقتصاص لكل المظالم التي اقترفتها أيديهم. وكان الإمام علي عازما على تطبيق العدل الإسلامي بحذافيره. وأول ما فعل أقال ولاة عثمان على الأقاليم، ووضع غيرهم.
لكن معاوية الأموي رفض الإقالة وأعلن العصيان على الإمام علي ولم يدخل في بيعته، بل أعلن خروجه للمطالبة بدم عثمان والقبض على قتلته.
وهو الذي لم ينجده لما طلب نجدته، بل ترك الثوار يجهزون عليه. لقد استفاد معاوية بن أبي سفيان من جهل أهل الشام الذين لم يكونوا يعرفون عن علي وأهل بيت الرسول شيئا. بل إن فهمهم للإسلام لم يكن بالمستوى الذي يميزون به بين الحق والباطل. وإذا كان الخليفتان الثاني والثالث قد أطلقا يده في حكم الشام. فإنه قد توج نفسه ملكا، وتصرف تصرف الملوك والأباطرة.
ولم يعر للدين الجديد الاهتمام المطلوب لنشره أو ترسيخه في نفوس الجماهير الشامية.
لقد أثمرت هذه السياسة الأموية ما كان مطلوبا منها، فجهز معاوية جيش الشام الذي كان حسب قوله " ولا يفرق أصحابه بين الناقة والبعير " وبدأت الحرب، حرب الدجل والخداع، حرب لا أخلاقية استخدم فيها معاوية كل الأساليب الغير مشروعة، لإجهاض نموذج الإمامة في السياسة، الذي بدأ الإمام علي يؤسس له، حيث أعاد إلى الأذهان والواقع كل الأحاديث التي رويت في فضله وفي أحقيته في الإمامة والخلافة، وأعطى الأدلة الواقعية على ذلك، من علمه وحلمه وحكمته، وقدرته على الحكم والفصل من أدق المسائل وأعقدها.
لقد انتهت " حروب التأويل " التي خاضها الإمام بمقتله في المحراب وهو