الحديث والمذاكرة، وأهل الدرعية يومئذ في غاية الضعف وضيق المؤنة.
ولقد رأيت الدرعية بعد ذلك في زمن سعود رحمه الله تعالى وما فيه أهلها من الأموال وكثرة الرجال والسلاح المحلى بالذهب والفضة الذي لا يوجد مثله والخيل الجياد والنجايب العمانيات والملابس الفاخرة وغير ذلك من الرفاهيات ما يعجز عن عده اللسان ويكل عن حصره الجنان والبنان ولقد نظرت إلى موسمها يوما في مكان مرتفع وهو في الموضع المعروف بالباطن، بين منازلها الغربية التي فيها آل سعود المعروفة بالطريق ومنازلها الشرقية المعروفة بالبجيري التي فيها أبناء الشيخ.
ورأيت موسم الرجال في جانب وموسم النساء في جانب. وموسم اللحم في جانب وما بين ذلك من الذهب والفضة والسلاح والإبل والأغنام والبيع والشراء والأخذ والإعطاء وغير ذلك وهو مد البصر (29).
وإذن فقد كان فاسيليف محقا في وصفه عندما كتب يقول: " كانت حملات الوهابيين تحت راية تجديد الدين تستهدف تحقيق مهمات دنيوية بحتة تتلخص في زيادة ثروات حكام الدرعية ووجهاء الجزيرة المرتبطين بها (وجهاء نجد بالدرجة الأولى). ويدل ما كتبه مؤرخو الجزيرة والرحالة الأوربيون على أن الغزو ظل هو الطريق الرئيسي لحصول الوجهاء والأعيان على الثروة. وكتب المؤرخ الوهابي ابن بشر يقول، بعد أن عدد الضرائب التي وردت إلى الدرعية: " وما ينقل إليها من الأخماس والغنائم أضعاف ذلك ".
كانت غزوات الوهابيين الأولى تنتهي بالاستيلاء على بضع عشرات من الإبل والأغنام ونهب الحقول أو بساتين النخيل. أما في سنوات أوج قوتهم فقد كانت غنائمهم تبلغ عشرات الآلاف من رؤوس الماشية المنهوبة.
وفي عام 1796 م بعد دحر قوات شريف مكة وقع في أيدي الوهابيين (30 ألف من الإبل و 200 ألف من الأغنام والماعز). ويقول ابن بشر أنه